0 تعليق
403 المشاهدات

موضي السلطان من كوكب آخر

يوسف الزنكوي

من ضمن التهيؤات التي تنتاب أحلامي في اليقظة، تخيلت ذات مرة أن أحد كبار رجالات الدولة، ومن فرط حبه للكويت وعشقه للمخلصين لتراب هذا الوطن، قد استقل سيارته شخصيا دون الاعتماد على سائقه الخاص، واتجه إلى منزل أم المعاقين الحاجة موضي السلطان العيسى في منطقة مشرف، ليطرق الباب ويطلب أن ترافقه في سيارته لوجهة خيرية جديدة كتلك الوجهات الخيرية الكثيرة التي عشقتها أم الخير. وتخيلتها تسأل هذا المسؤول الكبير: وين رايحين يا وليدي؟، فيقول لها: مشروع خيري قريب يا يما، قريب. فتقبل لأنها بطبيعتها جبلت على تَقَبُّل عمل الخير دون تردد، وتستقل سيارة هذا الرجل لتتجه إلى أحد الشوارع الرئيسة بمنطقة مشرف والقريبة من منزلها، حيث تفاجأت هناك بحشد كبير من الناس.

وتخيلت أن مختلف فئات الشعب الكويتي كانوا متواجدين هناك للمشاركة باستقبال أم الفقراء الحاجة موضي السلطان، وتخيلت وكأن كل المعاقين كبارهم وصغارهم وقد اصطفوا بكراسيهم المتحركة على جانبي الطريق، يستقبلونها بدموع الفرح لرؤيتها، ويتغنون بحب الكويت التي أنجبت سيدة بمكانة أم الخير الكويتية. وتخيلت أن كبار شخصيات البلد كانوا على رأس مستقبليها مرحبين بها، ليدعوها لقص شريط افتتاح شارع أطلق عليه اسم: شارع موضي السلطان.

وتخيلت وكأن جميع المستقبلين كانوا ينثرون الورود عليها، مرحبين بها في هذا اليوم البهيج، وإذ بها تسأل مسؤولا كبيرا آخر كان قريبا منها عن السبب في إطلاق اسمها على شارع يقع في نفس المنطقة التي تقطنها، فيقول لها ذلك المسؤول بأن شارع موضي السلطان لابد أن يقع في «فريج موضي» بمنطقة مشرف، إحياء لذكرى التقاليد الكويتية القديمة التي كان الكويتيون فيها يطلقون أسماء ساكنيها على فرجانهم، مثل فريج الشيوخ وفريج القناعات وفريج الشملان وفريج معرفي وسكة بن دعيج وبراحة عباس وهكذا.

لقد عشقت هذه السيدة الفاضلة منذ سنوات طويلة ولم أزل كذلك على حالي متيما بأعمالها الخيرية. نعم لقد عشقت دبيب خطواتها الخفيفة وهي تسعى دونما كلل ولا ملل نحو تنفيذ مشاريع الخير، عشقت عفويتها وهي تتنقل بين الكويتيين الخيرين تحثهم على مد يد العون والمساعدة لكل محتاج قرأت قصته مع الفقر والعوز في الصحف الكويتية، فنما عشقي لإنجازاتها وترعرع لروحها الخيرة التي تأبى الركون إلى السكون، فهذا أحد أقربائها يقول لي أنها كانت وقبل افتتاح أي سوق خيري يخصص ريعه لذوي الاحتياجات الخاصة، كانت تعد طبق حلوى جوز الهند بيدها الكريمتين خصوصي للشيخ العود، وتذهب بهذا الطبق بنفسها شخصيا إلى الشيخ العود لتهديه باكورة إنتاج هذا السوق ليقوم صاحب السمو بدوره المعتاد ليهدي القائمين على هذه السوق شيكا لم يكن حينها يقل عن عشرة آلاف دينار يخصص دوما لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة.

عشقت اسمها الذي لا يقل تعبيرا عن شخصيتها الفريدة في عطائها الخيري، ولا يقل إشعاعا عن نتائج أعمالها الإنسانية. فاسم «موضي» هو من الأسماء القديمة في منطقة شبه الجزيرة العربية، كما أنه من الأسماء الدارجة بين الخليجيين الذين يطلقونها على الإناث. كنت أظن أن له علاقة بالإضاءة أو النور فقط، فإذا بكلمة «موضي» تعني أكثر من الإضاءة بكثير. فالكلمة إسم علم مؤنث موغل في العربية، وتعني مضيء وساطع النور ومنير ومشع ومشرق، وموضي السلطان هي كذلك. كما تعني المضي قدما والسير دون تردد، وموضي السلطان هي كذلك بطبيعتها، كما تعني العزيمة والمتابعة الحثيثة وهي بالفعل كذلك، كل هذه الصفات ترتبط ارتباطا وثيقا ولصيقا بالسيدة الجليلة موضي سلطان العيسي التي جاوز عمرها اليوم 100 سنة، داعين المولى عز وجل أن يطيل في عمرها وأن يسبغ عليها أثواب الصحة وموفور العافية إن شاء الله، وكثر الله من أمثالها.

يوسف الزنكوى

اترك تعليقك :

كتـاب الأمـل

+
أ. ياسمين القلاف
ياسمين القلاف
2016/08/20 568 0
36e305f5-e802-45ab-9e2b-898785186122_thumb.jpg
عذراء الرفاعى
2016/06/13 431 0
يوسف الزنكوي
يوسف الزنكوى
2016/06/10 404 0