0 تعليق
1892 المشاهدات

د.فاطمة عياد: «المتوحد» فنان.. يرسم ويعشق الموسيقى ونستخدمها لعلاجه



لأن هناك التباساً في فهم التوحيد وطبيعته وأنواعه، فقد التقى «ملف الاسبوع» أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د. فاطمة عياد وتحدث معها بشكل شامل عن هذا الموضع، حيث قالت: التوحد أحد الاضطرابات العصبية النمائية وهو أحد الاضطرابات التي تشخص قبل سن الـ 18 سنة ويمكن تشخيصه قبل سن السنتين او السنتين ونصف السنة إن كان الطفل محظوظا ولديه من أهله من يعتني به ويلاحظ سلوكه، فبعض أعراض التوحد تظهر من الاسابيع الاولى، فالتوحد يعتبر اضطراباً حديثا من الناحية التاريخية فقبل عام 1943 لم يكن اضطراب التوحد معروفا كمسمى حيث كان يطلق على الذين لديهم صفات التوحد «أطفال الفصام» او فصام الطفولة لأن البعض منهم لديه أعراض تشابه أعراض الفصام أو باللغة الشعبية «الجنون»، وأركز على الناحية التاريخية عندما أتكلم عن التوحد لأن حداثة معرفتنا به كتشخيص مستقل بالتأكيد أدت الى قلة الابحاث وقلة المعلومات وبالتالي ندرة الاشخاص المتخصصين الذين يمكنهم التعامل مع التوحديين بصورة جيدة تطور وتحسن أداءهم.
فالتوحد ليس من الحالات السهلة في التعامل، ولكن ما نركز عليه ان هناك فروقاً فردية لدى التوحديين فيما يتعلق بالأعراض او بالسمات العامة وفيما يتعلق بالقدرات العقلية، والغريب في اضطراب التوحد انه اكثر انتشارا بين الذكور فتقريبا يصيب %80 الذكور و%20 الإناث، كما ان التوحد ليس مستوى واحداً إنما هو 3 مستويات فهناك التوحد الكلاسيكي وهو وجود كل أعراض التوحد في الطفل وهناك «سمات توحدية» وهؤلاء لديهم بعض سمات او أعراض التوحد ولكنها سمات ليست كافية لنطلق عليه طفلا او طفلة توحدية وهناك المستوى الثالث «اسبرجر» وهم التوحديون الذين لديهم قدرات وظيفية جيدة وليس لديهم تخلف عقلي.

لا سمات محددة

وعن هيئة أطفال التوحد الخارجية قالت: احد الاسباب التي قد لا تجعل الاهل يشكون في طفلهم باصابته باضطراب التوحد ان طفل التوحد ليست له سمات محددة إنما هو طفل طبيعي جدا بل على العكس يعرف أن الأطفال التوحديين يمتازون بالوسامة ليس كما طفل «الداون» الذي تمكن معرفته منذ الولادة من خلال سمات الوجه والشعر واليدين.
وعن سمات أطفال التوحد قالت الدكتورة فاطمة: الطفل الطبيعي في الشهور الاولى عندما يرى امه يتجاوب معها وينظر الى عينيها وقد يرفع يديه لكي تحمله، اما طفل التوحد فهو مختلف لأنه لا يفعل هذه الامور فهو لا يحب ان يحتضنه احد او ان يحمله، فتلاحظ الام ان هذه التصرفات غير طبيعية وزائدة على اللازم، حتى ان الامهات عندما يأتين لا يشكين بل تقول بعضهن ان «هذا الطفل كان أهدى أولادي واحسنهم وهو صغير لم تكن لديه مشاكل» وعندما نسألها كيف؟ تقول «لم يكن يطلب ان أحمله وإن وضعته طوال النهار في سريره لا يبكي»، هي في الواقع تؤكد لنا ان هذا الطفل لديه اضطراب او سمات التوحد، لأن الطفل الطبيعي من المفترض ان يضحك او ان يبكي وان يطلب من امه حمله او ان يعطي اي اشارة يفهم منها انه يجب على الام حمله وهكذا، اما الطفل في عمر سنة ونصف السنة الى الـ 3 سنوات نعرف ان لديه اضطراب التوحد من أعراض التوحد الاخرى مثل شعوره بالضيق في التواصل بالعينين او ان يحتضنه الآخرون، أو لا يلعب مع الأطفال الاخرين، ولديه التصاق او ارتباط شديد بالاشياء الجامدة قد تكون وسادة او لحافاً او غيرها ويكره ان يفارق هذا الشيء ايضا لديه سلوك معين غير هادف يكرره ولمدة طويلة، ايضا نجد ان لدى الطفل التوحدي خطأ في استخدام الضمائر في التخاطب كما انه لا يتفهم مشاعر الآخرين ولا يبالي بها هو ليس غير مبال إنما ذلك بسبب اضطراب التوحد، أيضا من صفاتهم اعادة الكلام الذي يسمعونه فأحيانا يعيدونه مباشرة واحيانا بعد يوم او بعد اسبوع، ايضا نسبة معينة من التوحديين قد تتراوح ما بين 15 الى %25 لا يوجد لديهم تخلف عقلي لذلك لا يعتبر التخلف العقلي سمة اساسية لتشخيص التوحد فيمكن تشخيص التوحد بدون تخلف عقلي بخلاف متلازمة الداون على سبيل المثال، ايضا نجد لدى التوحديين سلوك إيذاء الذات، كما انه لا يتعاطى مع الأطفال الآخرين ولكنه يمكن ان نجده ينظر اليهم ثم فجأة يذهب اليهم ليخرب لعبتهم ويعود ليجلس مكانه، كذلك نجد البعض منهم يكلم الجماد وكأنه كائن حي ويعطيها أسماء ان تكلم معها، احيانا كثيرة يظهر الطفل التوحدي وكأنه لا يسمع من حوله ولكنه يسمعهم ولا يتأثر او يتجاوب معهم، كذلك لا نجده يشعر ان كان الشخص الذي أمامه سعيداً او متضايقاً وبالتالي لا يتجاوب لأنه يعيش في عالمه الخاص، ايضا يجد ضيقاً كبيراً في التغيير مثل تغير المنزل او تغير اماكن الأثاث في المنزل وكأن لديه صوراً في ذاكرته لترتيب الأماكن ويريد ان تظل ذاتها مرتبة بنفس الترتيب الذي يتخيله، نجده غير متفاعل ويحب رسم الدوائر يسمى فناناً لأنه يحب الرسم والتلوين ويحب الموسيقى لدرجة اننا يمكن التعامل معه ومعالجته بطريقة الكراسي الموسيقية يحب كذلك الكمبيوتر فيمكن تدريبه عن طريق الكمبيوتر، كذلك الطفل الطبيعي إن ذهب الى السوق فنجده يحاول عدم الابتعاد عن أهله اما الطفل التوحدي ان لم تركضي خلفه وتمسكيه ربما يذهب ولا يعود.

مشكلة الكلام

وعن الأطفال التوحديين الذين يستطيعون الكلام قالت د. فاطمة عياد: لا يوجد نسبة محددة لهم ولكن هناك أطفال قد يقول كلمة معينة مرة واحدة ولا يكررها مرة اخرى وهناك أطفال لا يتكلمون نهائيا ومنهم من تكون حصيلته اللغوية فقيرة جدا وآخرون لديهم كلمة ويكررها على كل شيء ربما لا يكون لها معنى ولكن بالنسبة للطفل التوحدى تكون لها معنى أي ان هناك فروقاً فردية.
واكملت…..لا يوجد الى الآن من شفي من اضطراب التوحد، الا ان نسبة كبيرة منهم لديهم تخلف عقلي بمستوياته المختلفة سواء التخلف الخفيف او المتوسط او الشديد او العميق، وهناك فروق فردية بين التوحديين، وهو أحيانا يأتي كإعاقة وحيدة فقط وأحيانا يأتي التوحد ومعه اضطراب إفراط حركي او توحد مع صرع.

فروق فردية

وعن الكيفية التي يمكن للأهل التعامل بها مع طفلهم قالت الدكتورة عياد: التوحديون بينهم فروق فرديه فهناك من لديهم التوحد الكلاسيكي وغيرهم لديهم سمات التوحد ولكن لا يمكن ان نطلق عليهم «توحديين» لعدم توافر الصورة الكاملة للتوحد، كما انه يوجد فروق بينهم في مستويات الذكاء وشدة الأعراض والمشاكل المصاحبة للمرض وفي نوعها، فبالنسبة لكل المعاقين بما فيهم التوحد أشبهها مثلما تخيطين للإنسان دشداشة على مقاسه، هناك برامج وامور يمكن ان نقوم بها ان كانت ستفيدهم كجماعات وهناك امور يجب استخدامها لعلاج وتدريب فردي.

دور الأسرة

أما بالنسبة للأهل الذين لديهم طفل توحدي او اي طفل معاق خاصة في الامور التي لها علاقة بالقدرات العقلية وفي السلوك فنحن نحب أولادنا كما هم ويجب ان نستمر في حبهم والحب الذي وهبنا الله سبحانه وتعالى لهم سيجعلنا نصبر ونعمل وندربهم ونعطي الكثير جدا ولكن يجب ان نتوقع اننا لن نخرج بنتائج تساوي الجهد الذي يبذل مع طفل التوحد، كل انسان في الدنيا يحب ان يكون ابنه بصحته ويكون أفضل ولد في الدنيا وإن شاء الله يظل أولادنا في اعيننا بصحة وهذا الذي يساعدنا على الاستمرار ولا نعلم ربما في المستقبل يكتشفون علاجها يشفي من التوحد، وهناك برامج تدريبية وامور تخفف من السلوك العنيف مثل التغذية والتدريبات والسباحة والبرامج التي تساعد على الدمج مع الآخرين وغيرها، كل هذه الامور ولو بنسب متفاوتة يستفيد منها الطفل التوحدي، وحاليا هناك أمراض كثيرة تتعلق بالجهاز العصبي تشفى في حالات زراعة الخلايا الجذعية فنتأمل ذلك للتوحد بإذن الله.
ثم اضافت: في التوحد تظهر لنا كل شهرين أو 3 شهور نظرية جديدة أو أسلوب علاجي أو افتراض لعلاج جديد فربما في يوما ما يكتشف شيئا للتوحد للشفاء منه لا نعلم.
وفي ختام اللقاء قالت أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د. فاطمة عياد: هناك مدرسة السلوك التوحدي مركز الكويت للتوحد وهناك أيضا مركز المنارة التابع لمركز الكويت للصحة النفسية في مستشفى الطب النفسي القديم يستقبل حالات الإعاقة والافراط الحركي والتوحد وفصام الطفولة والمشاكل السلوكية، وهناك مراكز ولكن لا يجب ألا يتأخر الأهل فكلما تدخلنا مبكرا كان ذلك أفضل للطفل واحتمال الاستجابة والتحسن أفضل، فما نلاحظه على الطفل من الأعراض التي ذكرتها خلال اللقاء مثل عدم التجاوب مع الوالدين وتفضيله اللعب منفردا وتضايقه في وجود أطفال آخرين وعدم بحثه أو سؤاله عن الوالدين وانكماشه في مكان لوحده، وعدم شعوره بالراحة في التواصل بالعينين او إلى العلاقات الحميمة كالأحضان والقبلات هذه الأمور وغيرها الكثير مؤشرات لاحتمالات التوحد فلا يجب إهمالها ولكن قبل الشك في احتمالية اصابة الطفل باضطراب التوحد يجب التاكد انه ليس لديه إعاقة سمعية فاحيانا لا يتفاعل الطفل وكأنه لا يسمع وفي عالم آخر لأنه لا يسمع في الاصل بسبب إعاقة سمعية فيجب التأكد من السمع أولا.

برامج علاجية

وعن تلك البرامج قالت د.فاطمة عياد: العلاج المائي في داخل حمام السباحة او لعبة الكراسي الموسيقية التي يقومون باستخدامها في المدارس هذه من الامور التي تساعد كي نجذب طفل التوحد للمجموعات لكي لا يظل بمفرده، وبشكل عام التوحدي يحتاج الى بيئة منظمة جدا، اي ان البرنامج العلاجي له يجب ان يتسم بالوضوح وبخطوات محددة وعندما تعطيه تعليمات او تطلبين منه شيئا يجب ان تكون التعليمات واضحة وبخطوات بسيطة جدا جدا، لا تطلبين منه واجبا كبيرا مرة واحدة او بدون تعليمات لانه يجب ان يعطى تعليمات في كيفية اداء هذا الواجب او الامر وبالترتيب فعلى سبيل المثال ان طلبت منه تغيير ملابسه هذا بالطبع بعد تدريبه والوصول معه الى مستوى جيد من التدريب بعد العلاج فتطلبين منه الذهاب وتذهبين معه لتريه ماذا عليه ان يفعل فتقولين له تذهب من هذه الغرفة الى الغرفة الفلانية ثم تفتح خزانة الملابس وتخرج الملابس ثم تخلع ملابسك وتلبس هذه الملابس وبالتفصيل تعطينه التعليمات وبشكل واضح وهذا للطفل التوحدي الذي لديه قدرات عاليه فنعطه مخططا منضبطا منظما لتدريبه، وفي العلاج التوحد فإننا نحتاج الى مدرس او مدرب لكل طفل.

عجز عن التواصل

بالنسبة للتوحد – تقول د.فاطمة عياد – فان عرضه الاساسي الذي لا يشخص التوحد بدونه هو العجز عن التواصل بلغة الجسد او بالرفض او بالاشارة او بالكلام او بطريقة استخدام الضمائر ان كانت صحيحة او خاطئة، هم يمكنهم الكلام من الناحية الفسيولوجية ولكنهم لا يتكلمون.
ثم اضافت: البعض يستغرب ويقول ان التوحديين عباقرة وشديدي الذكاء نتيجة الذاكرة التي يتميزون بها، ولكنها ذاكرة لا يمكن توظيفها في الناحية الاكاديمية، فان سألته سؤالا فلن يجب الاجابة التي تريدينها ولكنه يمكن ان يقدم لك معلومات عن شيء قرأه او شاهده منذ سنتين كمثال حتى وان مرت عليه هذه المعلومة مرة واحدة، كما انه قد يعطيك تفصيلات بحذافيرها فهو يمكن ان يعيد مسلسلا كاملا بحلقاته ولكن ان طلبت منه ان يضع يده على كلمة معينة او اسم فلان فلن يستطيع، هي ذاكرة لا تتوظف للمصلحة الاكاديمية او لمصلحة حياته.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3626 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3964 0
خالد العرافة
2017/07/05 4541 0