0 تعليق
1600 المشاهدات

قصر القامة



[B]قصير أم طويل ليست هي القضية في معيار الموازين الحقة فكم من قصير أبدع و تفوق؟
وكم من طويل لم يحالفه شيء من ذلك؟
والعكس وارد وممكن ورغم هذا يبقى أمر طول القامة يشغل بال الكثيرين ويحوز على جزء كبير من اهتمامهم فنرى الصغير يمني النفس باللحظة التي يصبح فيها رجلاً كأبيه (أو امرأة كأمها) و نرى من ظن نفسه قصيراً يحاول أن ينال بعض الطول بأي ثمن ونرى من كان قصيراً بالفعل يركض من عيادة لأخرى وربما من عملية لأخرى سعياً وراء بضعة سنتيمترات.
إن قصر القامة من الحالات الشائعة نسبياً سواء في الحياة العامة أو في الممارسة المهنية الطبية و رغم ضآلة أهمية القامة أمام قيم العقل و الفكر و بالطبع الدين و الخلق و الأخلاق إلا أنها كانت محوراً لقصص نسجت حول قصار القامة و أساطير حيكت حول عالمهم منها مايروى للكبار و منها ما يعشقه الصغار و حتى في يومنا الحاضر فإننا لابد أن شاهدنا عبر الشاشات قصصاً كان أبطالها من هذا العالم المليء بالأسرار.

لا تشير كلمة قزامة إلى شماتة ما وليست هي لفظة سيئة – لا سمح الله – و إنما هي مفردة لغوية تدل على القصر الزائد وتعاكسها لفظة العملقة وكلا الحالتين لا يخلو منهما مجتمع و طبياً هناك عوامل عديدة تساهم بنمو الإنسان الطولي و هي تعتمد أساساً على المخزون الوراثي للشخص ذلك المخزون الذي يرثه المرء من أمه وأبيه وقد يطرأ عليه تعديل ربما يصبح موروثاً فيما بعد لسبب أو لأخر ويتم التعبير عن مجمل الموروث من خلال تفاعل دائم مابين الوراثة و البيئة بمفهومها الشامل بحيث تسمح البيئة المثلى الداخلية والخارجية للشخص بالنمو بالشكل الأقصى المقرر وراثياً أو أن تلك البيئة تقف حجر عثرة في وجه هذا النمو فتعرقله وتكون النتيجة قصراً بالطول يتفاوت من حالة لأخرى أما عندما يكون الخلل بالعوامل الوراثية فإن البيئة قد لاتستطيع أن تقدم الكثير لزيادة الطول اللهم إلا عبر بعض العمليات التقويمية وربما عبر معالجات مورثية ننتظرها على أحر من الجمر.

درجة قصر القامة
إن الدرجات الشديدة من قصر القامة أو القزامة تنجم عن أسباب منها ما نشاهده من حالات تدعى باللاتصنع الغضروفي أو ” الأكوندروبلاجيا ” و هي حالات يكثر مشاهدتها على أرض الواقع و في شاشات التلفاز و منها حالات ترتبط بعمل الغدد الصماء في الجسم و خصوصاً الغدتين النخامية و الدرقية و هناك متلازمات عديدة ولكنها نادرة تؤدي لهذا القصر مثل متلازمة سيكل .. متلازمة بلوم .. متلازمة روسيل سيلفر و غيرها كثير و هناك متلازمات وراثية شائعة أكثر مثل متلازمة تورنر .. متلازمة نونان تؤدي لقصر قد يكون أقل شدة هناك متلازمات تؤدي لقصر متوسط الشدة مثل متلازمة ويليام .. متلازمة روبينو .. متلازمة كاستيلو و غيرها كما أن هناك متلازمة شديدة هي متلازمة الأطفال الشيوخ و بالطبع فإن لكل متلازمة صبغية أعراضها و مظاهرها وإشكالياتها واختلاطاتها الخاصة بها والتي قد تتشارك ببعضها مع غيرها مع بقاء قصر القامة قاسماً مشتركاً بينها رغم أن أهميته قد تكون ثانوية تماماً في بعض الحالات إذا ماقورنت بالإضطرابات الأخرى المرافقة مثل الأمراض القلبية .. عدم الإنجاب .. التأخر العقلي في بعض الحالات.
هناك نوع من قصر القامة ندعوه بالعائلي و هو شائع في بعض العائلات و أغلب البشر يعرفون أن طول الإنسان يمكن توقعه من طول أمه و أبيه و هناك قصر يشخص بمرحلة من مراحل الطفولة ومن ثم ينمو الطفل بسرعة ليعانق طوله طول أنداده و ربما يتجاوزهم.
إن حالات قصر القامة المكتسبة كنتيجة لعوامل بيئية عديدة منها عوامل التغذية و خصوصاً في الطفولة الأولى وكذلك الأمراض المزمنة وحالات سوء الهضم ومعالجات الأورام الكيميائية والشعاعية وكذلك الأورام والسرطانات بحد ذاتها والإيدز عند الأطفال والرضوض وخصوصاً على الرأس وكذلك بعض العمليات الجراحية.

التشخيص
وله أهميته القصوى رغم أنه قد يمثل تحدياً أحياناً إن من الأهمية بمكان معرفة معدلات الطول الطبيعية في مجتمع ما وبعمر ما وحسب الجنس وذلك لتقرير الطبيعي والمرضي من الأطوال ولهذا فإن هناك مخططات يعتمد عليها في التشخيص والأشيع منها هي تلك المخططات التي يعتمد عليها في سن الطفولة لا بل أكثر من ذلك هناك مخططات خاصة بالنسبة لبعض الحالات و المتلازمات المرضية والوراثية وحسب الحالة يتم إجراء بعض الفحوص المخبرية أو الصور الشعاعية أو التحاليل الهرمونية أو غير ذلك لاستجلاء الصورة ووضع التشخيص الدقيق.

المعــــــــــالجة
تعتمد أساساً على السبب و نوع الإصابة (أو الإصابات) المرافقة والعمر وبالتالي يتم توجيه العلاج النوعي نحو السبب ما أمكن ذلك وخصوصاً قبل العمر (18 -20 ) سنة !
حيث هناك إمكانية لزيادة الطول مع عدم إغفال معالجة النواحي الأخرى من علاج للأعراض المرافقة ودعم نفسي واجتماعي وغير ذلك.
هناك المعالجات الهرمونية و هناك المعالجات العظمية و التقويمية و هناك التدابير الغذائية و الدوائية و بطبيعة الحال فإن المتابعـــــــــــة الطبــــــــــية هي الأساس في حالات مزمنة كهذه أما المعالجات العرضية الموجهة نحو الإختلاطات والتأثيرات التي قد تطرأ فقد تكون من الأهمية بمكان بحيث يتوقف عليها العديد من التطورات في مستقبل المريض سلباً أو إيجاباً.
ورغم أن قصر القامة وحالات القزامة تمثل تحدياً طبياً إلا أن الطب بالفعل قد قدم و يقدم الكثير بفضل الله و لا زال الأمل بالمزيد – إن شاء الله- قائماً و مشروعاً من المتوقع أن يقدم مشروع الجينوم البشري (HGP ) أو مايدعى بالخارطة الوراثية وتطبيقات ذلك السريرية في المستقبل ربما القريب الكثير على صعيد المعالجة المورثية والمعالجات الجزيئية والأدوية الهدفية النوعية بشكل ربما لا نستطيع حتى تصوره في أيامنا الراهنة وتلك الخارطة أضحت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق غاياتها بعد أن تم إعلان إنجازها منذ أيام و لكن يلزم وقت لتسخيرها في الممارسة اليومية.

ماذا حول مستــقـبل المريض ؟
يعتمد الإنذار المستقبلي لحالات قصر القامة على نوعها وسببها وشدتها فهناك حالات تعيش حياة طبيعية تماماً وهناك حالات تعاني من إشكاليات مرضية مختلفة وهناك حالات تحدث فيها الوفاة باكراً وهناك بين ذلك طيف واسع من الإحتمالات أما عن تأثير القصر على الإنسان فهذا أيضاً يعتمد على العوامل أنفة الذكر وعموماً فإن هناك تأثيرات نفسية و اجتماعية و حتى اقتصادية بالإضافة للتأثيرات الصحية و الطبية و كلها بحاجة للأخذ بعين الإعتبار عند وضع خطة تدبير المريض.

وختاماً ليس قصر القامة عاراً أو مذمة و كثير من النابغين و الناجحين هم بالواقـع قصار قامة ولم يضيرهم ذلك بشيء ولعل بعضنا يعرف بعضهم ولا أزال أذكر تلك الأسكتلندية التي كانت وزوجها وأطفالها يعانون من نفس الحالة الوراثية التي تؤدي لقصر قامة شديد و قد اتقت علمياً و اجتماعياً حتى صارت خبيرة بحالتها لابل صارت تدرب الأطباء و تختبرهم بحالتها و ترأست جمعية تهتم بأمور تلك الحالة المرضية ونقطة أخرى أحببت تأجيلها لأخر الحديث كي تبقى عالقة بالذهن ألا و هي أن البعض و للأسف يخافون من الأقزام أو يخوفون الغير منهم أو يربطونهم بالفأل غير الحسن و كل هذا لا مبرر له علمياً أو طبياً أو أخلاقياً على الإطلاق بل يتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة ومثل ديننا الحنيف وبنفس الوقت لا يجوز استخدام مفردات القزامة اللغوية إلا بمكانها الصحيح فلا يجوز نعت الغير بها للتصغير أو التحقير همسة مهمة الأقزام بشر مثل كل البشر لا تسخر منهم كما يفعل البعض كي لا يعتزلوا المجتمع فهم مثلنا اشخاص قادرون على العمل والعطاء فلهم ما لنا من حقوق وعليهم ماعلينا من واجبات ولا نعلم من هو الافضل عند الله سبحانه وتعالى ف لله في خلقه شؤون.[/B]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3592 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3921 0
خالد العرافة
2017/07/05 4518 0