[B][COLOR=#161614]قال الله عز وجل: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر..) فالإسلام ينظر لأصحاب العاهات نظرة رعاية انطلاقا من مبدأ التكريم لبني آدم دون اعتبار الى أي لون أو معتقد أو صحة أو مرض، فما هي ضوابط زواج المعاقين ذهنيا وهل يقبله المجتمع؟
ثلاثة شروط
اشترط رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية د.خالد المذكور 3 شروط لزواج المعاق ذهنيا من امرأة صحيحة، أولها ان يتزوج الرجل متى رضي الطرف الآخر بإعاقته، أما إذا كانت الإعاقة ذهنية كالجنون مثلا فلا بد له من ضوابط بألا يكون الطرف الآخر مجنونا مثله، والأمر الثاني ان يكون الطرف الآخر على علم بمرضه وان يرضى بذلك، أما الأمر الثالث فأن يكون هذا المعاق مأمونا شره وأذاه، وان يرضى ولي أمر المرأة بهذا الزواج.
وأضاف د.المذكور انه بذلك يجوز زواج المعاقين ذهنيا وسد احتياجاتهم العضوية والنفسية ضمن الضوابط التي ذكرت وبشرط ان يقوم على الزواج ولي أمر المتخلف ذهنيا لأنه هو الراعي لمصلحته.
ولفت الى ان زواج المعاق من الحقوق الملحة له مادامت تتوافر فيه الأركان الصحيحة للزواج، ومادام الزواج من مصلحته من الناحية النفسية والصحية والمادية فلا يجوز الحيلولة بينه وبين ذلك.
يجوز بولي
ويوافق العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.محمد الطبطبائي الرأي مع د.المذكور في جواز زواج المعاق إن كان المعاق راضيا عن النكاح وبعد استشارة المختصين من الجوانب النفسية، ويكون هذا الزواج برعاية من الأهل والذي ينوب عن هذا المجنون وليه الذي يعينه القاضي وينسب الابن لأبيه وهذا الزواج صحيح.
وأشار د.الطبطبائي إلى ان مثل هذه الزيجات قد حدثت في تاريخ الكويت اذ تزوج من ليس على ادراك كامل وأنجب أولادا أصحاء وقد مارسوا حياتهم بشكل طبيعي وكان احد الطرفين معاقا، واعرف حالات من هذا الزواج وحدثت في الكويت بهذا الشكل.
وأكد د.الطبطبائي إباحة زواج المعاقين ذهنيا قياسا على اباحة الشريعة الإسلامية لزواج المجنون، والمعاق له الحق في الحياة مادام ولد حيا وتثبت له الحقوق شرعا ما يثبت للأسوياء بما في ذلك حقه في الزواج وان من يزوجه هو الولي عليه.
من حقه
ويرى الداعية د.ناظم المسباح في زواج المعاق ذهنيا انه لو كان عنده قدرة وتعقل، فعلى ولي امر المعاق ان يبحث له عمن تناسبه مادامت فيه غريزة ويريد اشباعها، والمعاقون بشر ولهم احتياجات آدمية ولهم احاسيسهم العاطفية التي لابد ان يشبعوها، ولابد من إيجاد الطريقة الصحيحة لذلك.
وأكد د.المسباح ان من حق المعاق ذهنيا ان يتزوج مادامت اركان الزواج متوافرة، كما ان للمجنون ان يتزوج وان تكون ولاية الاجبار عليه كالولاية على الصغير.
وأضاف د.المسباح: شرط آخر في زواج المجنون ان تكون زوجته سليمة العقل، وان كانت الزوجة مصابة بالجنون فيكون زوجها سليم العقل، وان يكون المرض العقلي مأمونا ولا يحدث معه ضرر وان يرضى ولي الامر بهذا الزواج.
ولفت الى ان الاعاقة انواع متفاوتة وان جميع الاعاقات التي لا يكون العقل فيها معطلا مثل البكم والشلل، فيجوز لصاحبها الزواج وحكمه صحيح، الا انه بشرط ان يطلع الطرف الآخر على الاعاقة وان يرضى بها حتى ولو كان مصابا بمثل تلك الاعاقة، فإذا اصابته بإعاقة مماثلة لا تكفي عن اخذ رأيه في الزواج من معاق.
واشار الى انه كان من بين الصحابة اعمى واصم ولم تمنعه اعاقته من الزواج، فلم تمنع ذوي الاحتياجات الخاصة عبر التاريخ الإسلامي عن اداء عملهم احسن أداء، فالصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنه حبر الامة وترجمان القرآن الذي فقد البصر استطاع ان يجمع العلم في زمانه حتى اصبح مرجع الأمة في العلم الشرعي على مر الزمان، بل اصبح المبصرون يسألونه ويستفتونه ومن علماء السعودية سابقا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله.
ولي الأمر
ويضيف د.سعد العنزي ان الامام الشافعي يرى ان المختل عقليا اذا اظهر رغبته في النساء كأن يدور حول المرأة او تظهر منه اي مبادرة او علاقة لرغبته في الزواج، بالاضافة اذا ارشد الطلب على انه اذا تزوج سيشفى او يكون الزواج سببا في شفائه فإنه يجوز لوليه ان يزوجه بموافقة المرأة التي سيتزوجها وموافقة ولي امر ذلك المعاق، هذا ان كان فيه اعاقة عقلية فقط، واذا كان في زواجه شفاء له، اما اذا تسبب الزواج في اصابته بالضرر او يعود الضرر على الزوجة فلا يجوز، اما المعاقون اعاقة غير عقلية فيجوز لهم الزواج.
مقاصد الشرع
ويرى د.بسام الشطي ان المعاق اعاقة ذهنية هو إنسان له حقوق الإنسان من وجهة نظر الإسلام، وان كان الله قد ابتلى بعض خلقه بإعاقة ذهنية او عقلية فإنه في الوقت ذاته قد حضه برعاية خاصة، حيث جعل اعاقته العقلية سببا من اسباب رفع المسؤولية عنه على ان يتحمل هذه المسؤولية ولي امره او الوصي عليه، لكن ذلك لا يخل بحقه في تكوين اسرة كحق ديني وانساني، والله تعالى يقول في كتابه الكريم (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا)، ولا يجوز ان تكون الاعاقة الذهنية سببا لمصادرة حق الشخص في الزواج، لأن خطاب الإسلام في طلب الزواج لا يدخل فيه كل مسلم بما فيه صاحب الاعاقة الذهنية، لأن الابتداء وارد على كل إنسان، الأمر الذي لا ينبغي معه حرمانه من حق عفة نفسه وصيانة عرضه، فإن حق صيانة العرض من مقاصد التشريع الإسلامي، وان معيار الزواج في الإسلام هو الدين والخلق كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، وهذا خطاب لأولياء ذوي الاعاقة وللمجتمع على السواء، فإذا كان ذو الاعاقة الذهنية اعاقة بسيطة فمن حقه ان يتزوج ولا حرج فيه مادام محاطا بالحرص على مصلحته محفوفا برعاية منافعه مادامت اركان الزواج متوافرة، وينصح د.الشطي القائمين على رعاية الشباب والفتيات المقبلين على الزواج من ذوي الاعاقة الذهنية بضرورة عمل الفحوصات الطبية المطلوبة ضمن فحوصات ما قبل الزواج وطلب المشورة الوراثية الدقيقة ومن خلال هذه المشورة يقوم الطبيب بتوعية الاسرة بتشخيص المرض المتسبب في الاعاقة ونمط توريثه وايضا تحديد قابلية ظهوره في الذرية بعد الزواج ونسبة تكرار حدوث المرض في الولادات المستقبلية وامكانية تشخيص هذه الامراض بعد الحمل مباشرة او قبل اتمام الحمل للتقليل من نسبة حدوث هذه الأمراض كما يرى الأطباء.
[/COLOR]
[/B]