0 تعليق
1210 المشاهدات

إسماعيل مراد أول «شيف» كويتي على كرسي متحرك



لم تثنه إعاقته الحركية عن تسلق النجاح وكسب محبة الناس، ولَم يرض باليأس بل حول ألمه إلى أمل وتفاؤل بعد أن دخل عالم الإعاقة بشكل مفاجئ من دون مقدمات وتغيرت حياته رأسا على عقب في لحظة وأصبح عاجزا إثر خطأ طبي جراء عملية الانزلاق الغضروفي أجراها عام ٢٠١٤، وتحول من عسكري يعمل في وزارة الدفاع إلى آخر أسير الكرسي المتحرك.
شخصيته تتسم بالمرح وخفة الدم وروح الدعابة التي يسعد بها جميع متابعيه ليطل عليهم عبر حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي (انستغرام) والذي يُقدر عددهم بنحو 8000 متابع خلال ثلاثة أشهر أو عبر تطبيق «سناب شات» ليحكي لهم عن التحدي والنجاح، ويقدم وصفات الطبخ التي يعدها ببراعة وتعيدنا إلى عبق الماضي وزمن الأمهات الجميل، ليتقاسم مع معجبيه مقتطفات من يومياته.
القبس التقت عاشق الطبخ الخليجي «طباخ الشيبة» إسماعيل مراد وهو أول شيف من ذوي الإعاقة الحركية في الخليج والكويت، ليروي لنا علاقته بالمطبخ وحكاية عشقه للطهي، مجسدا بذلك صورة حية تعج بالحركة وتلبي جميع طلبات زبائنه بأصناف وأكلات شعبية متبلة ببهاراته المميزة التي يصنعها بيده في مطبخ سكنه الخاص والذي اتخذه مقرا لنشاط عمله.
استهل مراد حديثه، مستذكرا ظروف إعاقته وكيفية تعايشه مع الواقع الجديد الناجم عن الخطأ الطبي الذي أصابه بالعجز إثر عملية جراحية في «الديسك» مما أثر على العصب وأدى إلى شل حركته، الأمر الذي اضطره إلى السفر إلى لندن للعلاج لمدة سنة ومن ثم عاد إلى البلاد مجددا متجها إلى ألمانيا مرة أخرى لمواصلة رحلة العلاج.
وزاد بالقول: لا أخفي على أحد أن الإعاقة غيرت حياتي برمتها، وأعادت لي ترتيب جميع أوراقي، واستطعت من خلالها أن أميز بين معادن الناس، وعرفت الصديق من العدو، وتغير كل شيء حولي ومنحتنى في ذات الوقت محبة الناس وشعبية لا مثيل لها.

تجربة قاسية
وأردف بالقول: كانت تجربة قاسية جدا علي في البداية، حيث غلبني اليأس والإحباط والاكتئاب والصرع والتشنجات وتوقف قلبي مرتين في لندن، مشيرا إلى أنه خضع إلى ٢٣ عملية جراحية منذ عام ٢٠١٤ وحتى يوليو الماضي نتيجة مضاعفات العملية الجراحية الأولى والضغوطات النفسية.
وتابع بالقول: أتمنى أن أستعيد صحتي وقدرتي على المشي، وأجريت العديد من الفحوصات الطبية على نفقتي الخاصة، لدرجة أن والدي فكر أن يبيع المنزل من أجل علاجي، لافتا إلى أنه رفع العديد من القضايا، وللأسف الطبيب الذي أجرى له الجراحة ما زال على رأس عمله ويجري عمليات في مستشفى ابن سينا.
ولم يقف مراد على أعتاب الإعاقة وعدم قدرته على المشي منذ العملية الجراحية الأخيرة، بل تحدى كل الحواجز وقهرها بصقل هواية الطبخ التي بدأت معه، وهو في الثانية عشرة من عمره، وتطورت معه ورافقته في رحلة علاجه، حيث كان يطهو للمرضى الخليجيين في ألمانيا، منوها إلى عدم ظهوره في وسائل الإعلام بحكم عمله في السلك العسكري، الذي لا يسمح له في الظهور في أي وسيلة إعلامية والترويج عن هوايته.
وعتب مراد على عدم توافر الدعم الحكومي لأصحاب المشاريع الصغيرة، لاسيما ذوي الإعاقة، مشيرا إلى أن معاناته من عدم توافر الدعم الكافي له دفعته إلى مساعدة نظرائه، من أصحاب المشاريع الصغيرة، غير القادرين على تسويق منتجاتهم من خلال عرض منتجاتهم على حسابه الشخصي دعما وتشجيعا لهم.
وأشار إلى أن «مطبخ الشيبة» يتميز بلمساته وبهاراته وتتبيلاته، كما أنه يجيد ويتفنن في طبخ الكبسات الخليجية بأنواعها اللحم والدجاج والجمبري، مردفا بالقول «مطبخي لم يكن مهيأ وحاولت أن أجعله مناسبا لظروفي الصحية قدر المستطاع حتى يسمح لي بحرية التنقل والحركة بالكرسي المتحرك، ولا يوجد من يساعدني سوى خادمتي الفلبينية «جوي» التي تساعدني في تجهيز الخضروات.
واسترسل بالقول: أطور وصفات الطهي باستخدام بهاراتي المميزة التي أقوم بتصنيعها بنفسي، حيث استخدم ١٣نوعا من البهارات، التي تطلبها مني العديد من المطاعم، ملمحا إلى تواصله مع طهاة في الخليج من قطر ودبي.
بالنسبة لأسعار الوجبات التي يعدها بنفسه، ذكر أنها أغلى من المطاعم، لأنه يستخدم أسماكا طازجة، والتي يشتريها بنفسه، وفي بعض الأوقات يقوم بتوصيل الطلبات للمنازل في حال عدم توافر السيارة المخصصة لنقل الطلبات، ولدي زبائن في دول الخليج من الإمارات والسعودية، وهناك الكثير من النجوم الخليجيين ونزلاء الفنادق في الكويت يطلبون أن أطبخ لهم.
وكشف عن نيته افتتاح مطعمه قبل شهر رمضان، وأنه سيتولى مهمة الطبخ لزبائنه، مشيرا إلى أن المطعم سيوفر أيضاً دورات تدريبية للراغبين في تعلم الطهي، كما أنه سيكون مهيأ لاستقبال ذوي الإعاقة من حيث المصعد ودورات المياه.
ولم تمنعه الإعاقة من مواصلة مهنته الأولى التمثيل، حيث كشف عن نيته في المشاركة في عمل درامي قريبا بالتعاون مع المخرج نعمان حسين، معربا عن فخره لتمثيل دور المعاق، وهو مقعد، فالمعاق الحقيقي يتقن دور الإعاقة، لأنه عاش التجربة حسب قوله.

وظائف محدودة

قال مراد إن الإعاقة صقلت هواية الطهي لدي، مبيناً أن عدم وجود عمل حكومي يتناسب مع ظروفه الصحية دفعه إلى الاتجاه نحو الأعمال الحرة ومزاولة الطبخ، فلا أولوية في توظيف ذوي الإعاقة وإن وجدت فإن الفرص محدودة.

تفاعل إيجابي..  وإقبال نسائي

لفت مراد إلى أن الناس أبدت استغرابها من قدرته على الطهى في البداية، مشيراً إلى التفاعل الإيجابي من قبل المتابعين له، فضلاً عن الإقبال النسائي على أكلاته، وتعاطف بعض الزبائن معه بسبب الكرسي المتحرك، مشدداً على أن الإعاقة ليست في الجسد وإنما في العقل.

عروض ومنح تدريبية

كشف مراد عنه أنه تلقى عدة عروض ومنح مجانية لتعليم وتدريب الطهو، مبيناً أن إحدى الجامعات الإيطالية الجديدة قدمت له منحة تدريبية مجانية ليتعلم الطبخ الإيطالي، إضافة إلى أن أحد المعاهد في الإمارات طلبت الاستفادة من خبرته في الطبخ لتعليم المتدربين الراغبين في تعلم فن الطبخ.

سيارات كلاسيكية

تحدث مراد عن جانب آخر من هواياته وهو اقتناء السيارات الكلاسيكية، حيث يقتني سيارة إنكليزية موديل ١٩٧٥، والتي اشتراها من اليابان.

جارتي الرومانية ومجبوس الدجاج

«أبنائي يفضلون طبخي عن والدتهم، وجارتي الرومانية تعشق مجبوس الدجاج»، هذا ما أفاد به مراد خلال حديثه، لافتاً إلى أن ابنته تستفيد من وصفاته وهي تجيد طهي الباستا بأنواعها.

تحديات.. وحقوق منتهكة

تحدث مراد عن التحديات التي تواجه ذوي الإعاقة في المجتمع الكويتي منها اختطاف مواقفهم الخاصة بهم وهي أبسط الحقوق في ظل تشديد العقوبة على المخالفين، عدم تهيئة بعض المرافق العامة بما يتناسب وظروف الإعاقة إلى جانب قلة الدعم المادي.

المصدر : مى السكرى \ القبس

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3599 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3930 0
خالد العرافة
2017/07/05 4523 0