0 تعليق
651 المشاهدات

«حمزة» لكبار السن و«ذوفيناز» للمعاقين بقلم \ د. جاسم المطوع



 

زرت مؤسستين خيريتين في (استانبول) الأولى تهتم بكبار السن والعجزة والثانية تهتم بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، فالأولى حكومية والثانية خاصة، ولم ألاحظ أن هناك فرقا في الإبداع والتميز والنجاح بين المؤسسات الأهلية والمؤسسات الحكومية، فالأولى دار للعجزة والمسنين، وقد تم تأسيسها منذ عام 1895م في عهد السلطان عبدالحميد، ومازالت حتى الآن مستمرة بتميزها في رعاية المسنين، وقد قابلت رئيس الجمعية السيد (حمزة) وهو رجل محب للخير والعمل الخيري، وقد تم اختياره وتعيينه من قبل رئيس الدولة وهذه السياسة تم اعتمادها من أيام السلطان عبدالحميد، فعرض علينا تاريخ الدار ونشاطها ثم تجول معنا في أقسام الدار ومرافقها، ولاحظت أن كل كبار السن الذين كنا نمر عليهم كانوا يرحبون به ويضحكون معه ويدعونه للجلوس معهم ويبدون إعجابهم ومحبتهم له وهو يبادلهم الحديث والفكاهة كذلك.
ومن الأمور المميزة التي شاهدتها في الدار الاهتمام بالمكان والنظافة والرعاية الصحية ففي الدار 500 كبير للسن ويخدمهم 450 شخصا إداريا وصحيا ونفسيا ورياضيا واجتماعيا، وفي تركيا 100000 مسن تتكفل برعايتهم الدور من خلال 700 وقف مدر يصرف ريعها للعجزة وكبار السن، وأثناء التجول مررنا بمسلخ للأغنام واستغربت وجوده وسألت عن سبب وجوده فقالوا لي نحن نذبح يوميا 100 خروف لتحضير طعام النزلاء في هذا المركز وفي مراكز أخرى قريبة منهم، وفي الدار مسجد وحدائق ومقهى ومخبز ومتحف، فهو عبارة عن مدينة صغيرة يعيش فيها المسن ولا يحتاج إلى أن يخرج للخارج، وأثناء تجولنا لفت نظري وجود كنيسة ومعبد يهودي، فسألت عن سبب وجودهما فقالوا: هذه من أيام السلطان عبدالحميد، فقد بنى كنيسة داخل الدار، لأن نسبة النصارى وقتها كانوا 40 بالمئة من عدد سكان استانبول فحافظنا عليها حتى الآن ولا يوجد من يدخلها الآن.
ثم زرنا المتحف، ووجدنا فيه صورا كثيرة معلقة فسألت عنها فقالوا لي هذه صور الذين توفوا ممن نزلوا في هذه الدار من بدايتها، وحتى الآن فنحن نخلد ذكراهم، وبينما نحن نسير جاءتني امرأة اسمها عائشة تمشي علي الكرسي، ورحبت بنا، وقالت لنا وهي تبتسم وتضحك: قولوا لي مبروك، فقلنا لها: مبروك على ماذا؟ فقالت: اليوم أكملت 35 سنة وأنا مقيمة بهذه الدار وأنا سعيدة جدا وفرحانة، وجلست أتحدث معها من خلال المترجم وكانت سعيدة جدا بالزيارة، وفي نهاية الزيارة عرضوا علينا مشروعهم الجديد وهي مدينة كاملة للعجزة والمسنين ستفتتح خلال السنتين القادمتين، وتم تغيير اسمها من «دار العجزة» إلى «دار الشفقة»، وفيها بيوت وطرق ومحلات، ثم شرحوا لي مميزات كثيرة بهذه المدينة، ومنها توظيف البرك المائية والنوافير بطريقة يسمع لصوت الماء نغمة تساعد في علاج أمراض كبار السن، فاستغربت من هذه المعلومة، فعرضوا علي فلما للبرك والنوافير في المدينة الجديدة وكيف صمم المهندسون أصوات المياه فيها لتكون علاجا نفسيا وصحيا للمسن.

أما المؤسسة الثانية التي زرتها، فهي تهتم بالمعاقين، واجتمعت مع رئيسة المؤسسة ومن المؤسسين لها قبل عشرين عاما السيدة «ذو فيناز»، فقالت إن هدف المؤسسة هو تحريك همة المعاق وطاقاته الأخرى ليكون إيجابيا وفاعلا بالمجتمع، وأثناء الحديث قالت إن الله يأخذ ويعطي، وكل معاق لديه صفات إيجابية ونقاط قوة ولكن كثير من المعاقين يستسلمون لإعاقتهم فيصبحوا عالة على المجتمع، وقد نجحت هذه المؤسسة في إدخال 5000 معاق إلى سوق العمل في تركيا، وصاروا منتجين في المجتمع، وتغيرت حياتهم نحو الأفضل، وكثير منهم تزوج وأنجب الأطفال وأسس أسرة، وعرضت علينا قصة نجاح واحدة لمعاق كان جالسا مهملا في البيت، فلما اهتمت به المؤسسة أكمل دراسته، ونال درجة الماجستير مرتين، ثم تزوج بفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة وشجعها لتكمل تعليمها وتخرجت من الجامعة ونالت درجة الماجستير كذلك، كل ذلك كان بسبب متابعة المؤسسة للحالات وتشجيعها للعمل والانطلاقة بالحياة، فهذه قصة نجاح من عدة قصص سمعتها أثناء اللقاء لكثير من الحالات التي يتابعونها وهي في بيوتها.

د. جاسم المطوع

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3591 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3918 0
خالد العرافة
2017/07/05 4516 0