لم تترك الإعاقة الطارئة التى ألمت به، من جسده شيئا.. طالت أطرافه الأربعة لتتركه قعيدا بعدما كانت حيويته ونشاطه اللافت من سماته الشخصية، وفى غفلة من الشلل الذى احتل سائر جسده الهزيل، تركت له الإصابة التى تعرض لها منذ العام 1997 عاما، إصبعين إثنين فى كل كف، بقيا منتصبين راسمين علامة النصر، ليكونا مفتاح لحياته الجديدة.
ومع «احتفاله» بالذكرى السادسة عشرة لإصابته – على حسب قوله ــ يحتفل الفنان أيمن فرغلى بافتتاح معرضه الجديد لأعمال النحت، والذى افتتحه مساء أمس الأول، الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، فى بيت الأمة.
«اجمل حاجة فيك إنك ما بتزهقش»، هذا ما لفت نظر سرور أثناء تفقد اعمال فرغلى، مثنيا على أعماله التى انصبت على البيئة الريفية، والتى احتاجت منه وقتا طويلا، لاختياره «أنواع صعبة من الحجر» .
وتعرض فرغلى لكسر فى العمود الفقرى، نتج عنه شلل رباعى، ونسبة إعاقة بلغت نسبتها 100 %، إلا أنه قرر أن يواجه تلك الظروف الصعبة، بهواية أكثر صعوبة، إذ قرر أن يتكسب من «النحت فى الحجر»، حيث يعمل لحساب عدد من «ورش الحجر»، بعدما تخصص فى إنتاج «تابلوهات» تستخدم فى أعمال الديكور .
ويقول فرغلى: «فى البداية اكتشفت أننى قادر على استخدام إصبعين من يدى، فحاولت الآن استخدامهما فى الرسم، والذى لم أكن أتقنه قبل الإصابة، وبعد فترة وجيزة، بدأت فى تشكيل الصلصال، قبل أن أقرر أن اتعلم «النقش على الحجر» .
ومن وقت لآخر، يجمع فرغلى عددا من الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة، ويتولى تدريبهم على الرسم والنحت: «بعد إصابتى اكتشفت ان هذه الشريحة تعانى من النسيان، ويكتفى المحيطون بهم بإظهار الشفقة فحسب، دون أى جهد لتنمية مهارتهم، فقررت أن أكون ايجابيا، وأن أساهم فى تغيير ظروفهم النفسية».
ويضيف: فى إحدى الدورات التدريبية، التقيت الدكتور أحمد رفعت سليمان، استاذ التصميم فى كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، والذى اتاح لى فرصة الانخراط فى ورشة عمل امتدت لنحو العام، وكان لها اثر كبير فى تطور موهبتى».
فرغلى الذى لا تفارق وجهه الابتسامة، أراد ان يبعث برسالة من خلال أعماله: «اخترت الطريق الصعب، وتمكنت من النحت فى الصخور بظروفى هذه، ولا أعتقد أن هناك مستحيلا يحول بين أى انسان وبين النجاح، مادام شخص بظروفى هذه، تمكن من تحقيق حلمه».
ويستمر معرض فرغلى خلال الفترة من 8 وحتى 24 ديسمبر فى متحف بيت الأمة (مركز سعد زغلول الثقافى) .
المصدر: ياسر محمود/ جريدة الشروق .
