«كانت حظوظه شبه معدومة»، بهذه الكلمات وصفت ستيلا فرص بقاء ابنها على قيد الحياة في تلك المرحلة. ثم اقترح طبيب على الأم إجراء زرع للغدة الزعترية، ولكن هذه الزراعة متوافرة فقط في اثنين من المشافي حول العالم، «جريت أورموند ستريت» في لندن، و«جامعة ديوك» في كارولاينا الشمالية بالولايات المتحدة. وبدا من الصعب جدا على دانيال الوصول الى احد هذين المكانين، ولحسن الحظ، تمكن دانيال من الوصول الى مستشفى «جريت أورموند ستريت» وهو بعمر 16 شهرا، بعد ان قامت والدته بإجراء بحث واسع النطاق عن زراعة الغدة الزعترية، ومن خلال البحث، وجدت د.لويس ماركت من «جامعة ديوك»، والذي أوصلها بدوره الى البروفيسور ديفيس.
وفي ذلك الوقت في مستشفى «جريت أورموند ستريت»، كان البروفيسور ديفيس يجري بحثا في زراعة الغدة الزعترية للاطفال المصابين بمتلازمة «دي جورج»، وتحقق على الفور من حاجة دانيال الملحة الى إجراء عملية الزرع، والتي كانت إجراء طويلا يتضمن القيام بزرع شريحات من الغدة الزعترية في المختبر لعدة أسابيع، ومن ثم وضعها داخل عضلات فخذ دانيال. ويشرح البروفيسور ديفيس عمل الغدة الزعترية بقوله: هي «مدرسة» لنظام المناعة في الجسم، ومن خلالها يتطور نظام المناعة، ويتعلم كيفية التعرف على الجراثيم ومهاجمتها، وليس خلايا الجسم نفسه، وبعد زراعة الشريحات، تبدأ عملية استعادة نظام المناعة ببطء، وقد يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن يبدأ النظام بالعمل فعلا. وبالنسبة لدانيال تحديدا، كانت فترة التعافي بطيئة، وذلك نتيجة للمضاعفات الناتجة عن لقاح السل الثلاثي الذي تلقاه حين كان رضيعا، ومع ذلك، بدأ جهازه المناعي يبدي علامات على التحسن، ويشعر البروفيسور ديفيس بالتفاؤل إزاء نجاح عملية الزرع على المدى الطويل. كما يبدو مستقبل دانيال مشرقا مع بلوغه الآن عمر الثلاث سنوات، وتتفاءل عائلته أيضا باستعادته لصحته الكاملة. وتتحدث ستيلا بحنان عن طفلها قائلة: انه ولد صغير نشيط للغاية، وهو ممتلئ الخدين ومبتهج، ومفعم بالحياة وحب الاستطلاع، كما يحب الاستماع الى الموسيقى، ويتفاعل مع الطبيعة من حوله، ومع الأرقام، كما يحب المداعبة والعناق.
المصدر: جريدة الأنباء .