0 تعليق
474 المشاهدات

الإعاقة أقل ثمن فداءً للوطن



مصابون بعاهات مستديمة بسبب الغزو يروون حكايات البطولة:

ذكريات الوحدة والتلاحم وآلام خلفها الغزو العراقي الغاشم، استعادها أبطال الوطن من المقاومة الشعبية الذين أصيبوا بإعاقات أثناء الغزو، فمنهم من فقد ساقه ومنهم من فقد بصره، وآخرون أصيبوا بشلل وأصبحوا على كراسي متحركة، بسبب إعاقات حركية.
حرصنا على مشاركة الأبطال البواسل من ذوي الاعاقة احتفالهم بالأعياد الوطنية التي تشهدها البلاد حاليا وإحياء ذكريات الغزو والتحرير، واسترجعت معهم محطات وذكريات التضحيات التي لا تنسى من الغزو الغاشم ومدى مقاومتهم وصمودهم في وجه العدوان، وأبدوا فخرهم واعتزازهم باللحمة الوطنية والتكاتف اللذين كانا يجمعان أبناء الشعب وأهالي الفريج في ذاك الوقت، منتهزين الفرصة للتعبير عن فرحتهم بيوم التحرير.
ودعا ذوو الاحتياجات الخاصة الذين اصيبوا بإعاقات جراء الغزو الغاشم جموع الشعب إلى التمسّك بروح الوحدة والتلاحم التي كانت حاضرة أيام المحنة والبعد عن النعرات الطائفية والقبلية.
وروى المصابون بعاهات مستديمة بسبب الغزو حكايات البطولة وأيام المعاناة، مؤكدين أن أصعب لحظات تلك التي يفقد المرء فيها وطنه وارضه التي تربى عليها وترعرع فيها، مشيرين إلى أن الإعاقة أقل ثمن فداءً للوطن.
وجسّدوا روعة التضحية من أجل الوطن بالقول: خسرنا جزءاً من جسمنا وكسبنا كويتنا وعزتنا، لافتين إلى أن المقاومة الشعبية ضربت مثلاً رائعاً في البسالة والتضحيات.

الشهيدة أسرار القبندي مديرة أول حضانة لرعاية ذوي الإعاقة
نموذج يحتذى لنضال المرأة الكويتية
لا يمكن أن نغفل في هذه الذكرى الأليمة دور الجنود المجهولين من شهداء وشهيدات الوطن الذين ضحوا بأرواحهم فداء لوطنهم، ومن بينهم البطلة المناضلة وشهيدة الحق أسرار القبندي التي تميزت في دراستها وعملها وحازت على شهادات عليا في الاقتصاد وتأهيل المعاقين، حيث كانت صاحبة أول حضانة كويتية لرعاية ذوي الإعاقة، وفي عام 1987 أسست أول مدرسة من نوعها في الكويت خاصة برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من الشلل الدماغي.
بدأت رحلتها منذ الليلة الأولى للغزو العراقي، حيث انضمت إلى مقر بيان وهو مركز القيادة العليا في منطقة بيان، والذي شكل من قبل أبناء الكويت الشرفاء، وانضمت إلى المقاومة الكويتية، وكان لها دور كبير في النضال والتخطيط للعمليات أثناء الغزو العراقي الغاشم، فكانت تجلب الأسلحة والأموال من المملكة العربية السعودية، وتصطحب معها في كل مرة بعض العائلات الكويتية التي تعسرت معيشتها، وأصبحت مهددة من القوات العراقية في الداخل.
فبدأت العمل البطولي المشرف بتزوير الهويات للشخصيات المهمة لتسهيل تحركهم بأمان، كما زوّرت هويتها الشخصية لإكمال عملها الإنساني، فكانت تزور الأرامل والعجزة اللاتي كن يتلقين مساعدة وزارة الشؤون وكانت تقدم لهم الطعام والمال، بالإضافة إلى انها اخترقت الحصار الإعلامي عندما تحدثت مع شبكة «سي إن إن» خلال الاحتلال وتطمين الأهالي في الخارج على ذويهم في الداخل.

الملا: الغازات السامة أفقدتني بصري
لم تكن حينها سوى طفلة بريئة تلعب وتلهو مع مثيلاتها في العمر، وسرعان ما تغيرت حياتها جذريا، لتتحول إلى كفيفة تبصر على الحياة بعيون الأمل وسلاح الإرادة، شمايل الملا فقدت بصرها وهي في العام الرابع من عمرها من جراء الغازات السامة والهواء الملوث الذي خلفه الغزو الغاشم، مما سبب ضغطا على قاع العين أدى إلى فقدان بصري جزئي في العينين.
استعرضت شمايل معاناتها وكيفية فقدانها بصرها، حيث قالت «إن احدى مدرساتها اكتشفت أن بصرها ضعيف عندما كانت في الصف الثاني الابتدائي، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة النور، وهي احدى مدارس التربية الخاصة، بعد أن تبين أنها فاقدة للبصر، وواصلت دراستها الثانوية والجامعية حتى تخرجت، وأصبحت باحثة نفسية، وتعمل حاليا موظفة بوزارة الشؤون».
وقالت إنها رغم فقدانها بصرها فإنها لم تفقد الأمل في الحياة، «وما زال هذا الأمل قائما حتى الآن في أن يتم علاجي وعودة بصري، فالحياة حلوة»، على حد تعبيرها. وثمنت دور والدتها التي كانت وما زالت رفيقة دربها خلال الدراسة المدرسية والجامعية، «حيث تقاعدت في سبيل مرافقتي حتى كانت عيني اللتين أبصر بهما على الحياة»، معتبرة أن «ذكرى التحرير فرحة عزيزة على قلوبنا تمكننا من خلالها أن ننسي آلامنا وجراحنا وإعاقاتنا».

كرم: الصم لعبوا دوراً بارزاً في المقاومة
لم يغفل مترجم لغة الإشارة بدر إسماعيل كرم الحديث عن الدور الفعّال الذي لعبه ذوو الإعاقة السمعية (الصم والبكم) خلال فترة العدوان الغاشم وما بعده، مستذكراً المهن التي امتهنتها هذه الفئة حينذاك، حيث كانوا يبحثون عن الماء فترة انقطاعه وتنظيف الشوارع وجمع القمامة، ناهيك عن القيام بأعمال البيع والتجارة في الأسواق الكائنة بمنطقة بيان، تلك المنطقة المخصصة لعمليات البيع والشراء لأهالي الفريج حسب قوله.
ولفت إلى مشاركات الصم في المقاومة وعمليات توزيع المعونات المادية والعينية القادمة من الخارج على أهالي المنطقة، بالإضافة إلى مشاركتهم في التظاهرات مع أقرانهم الأسوياء أيام الغزو، لافتاً إلى الضرر والمعاناة النفسية التي لحقت بالكثير منهم من قبل قوات النظام السابق والسخرية بظروفهم الصحية لعدم قدرتهم على التعاطي والحديث مع هذه الفئة أو التفاهم معها عن طريق لغة الإشارة.
وأشار إلى الدمار الشامل الذي لحق بنادي الصم، آنذاك، وتحوله إلى معسكر للعدوان في البداية، ومن ثم تدميره بالكامل وحرق الملعب وسرقة الكؤوس والدروع منها كآس آسيا لكرة القدم للصم، موضحاً عدم وجود شهداء من فئة الصم، ولكن كان يوجد أثنان من الأسرى أثناء الغزو، حيث تعرضا للضرب والمعاناة وعادا إلى أرض الوطن وقت التحرير وهما أحمد الكندري وعماد بوحمد.
ونيابة عن والده، استعاد كرم شريط ذكرياته ووالده رئيس نادي الكويتي الرياضي للصم إسماعيل عيسى كرم (أصم) خلال الغزو الغاشم، حيث كان لدى والده كشك «بسطة» لبيع البقوليات وأغراض العطارة في الأسواق الكائنة في بيان، كأحد مصادر الدخل، لافتا الى المضايقات والسخرية التي واجهها والده من قبل قوات النظام، بالاضافة إلى مشاركته في توزيع المواد الغذائية على الفريج.

«الكرسي المتحرك شرف وبطولة»
خليفة: رصاصة أصابتني بشلل
جسَّد البطولة والفداء أثناء الغزو وكان من رجال الأمن في وزارة الداخلية إبان هذه الفترة، وضرب المثل في التضحية والمقاومة، حتى أصبح قعيداً على كرسي متحرك لأجل الوطن، وفق قوله، ويحتاج من يسانده ويخدمه، بعد أن أصيب بطلق ناري إبان الغزو العراقي في الظهر، وهو على رأس عمله، مما أدى إلى إصابته بالشلل النصفي وإعاقة حركية دائمة، مؤكداً أن الكرسي المتحرك شرف وبطولة من أجل الوطن.
واسترجع خليفة شريط الذكريات المؤلمة قائلاً: ضحيت وقاومت لأجل قضيتنا، وكنت أرى الموت يوميا، فلا يوجد علاج ولا كوادر طبية ولا حتى متابعة دورية، الأمر الذي زاد من معاناتنا الصحية، مثنيا على الاهتمام بحقوق ذوي الاعاقة في السنوات الاخيرة التي تمثلت في قانون المعاقين وغيرها من الحقوق التي كانت ضائعة إبان الغزو العراقي، ناهيك عن البصمات الواضحة للناشطين في مجال ذوي الاعاقة واهتماهم لقضايانا وتوصيلها الى المسؤولين.
وانتهز الفرصة للتعبير عن فرحته بالأعياد الوطنية للبلاد واستعادة فرحة التحرير التي نسوا من جرائها إعاقاتهم.

الأسير الكفيف متعب الفضلي يتذكر أيام الألم:
اختطفوني من الحضانة وعمري أيام
رغم إقراره بأن إعاقته البصرية غيّرت حياته، فإنه لم يفقد الأمل في الحياة ـــ فبحسب ما قاله متعب الفضلي (وهو أصغر أسير كويتي كفيف) ـــ فإن هذه الاعاقة تحولت إلى قوة دافعة نحو تحقيق النجاح، حيث واصل مسيرته الدراسية والجامعية، ومن ثم عمل كمعد ومقدم برامج في تلفزيون وإذاعة الكويت، ومدرب بالتنويم الإيحائي معتمد من قبل البورد الأميركي ومحلل للشخصية عن طريق الصوت.
واسترجع الفضلي حادثة أسره من قبل القوات العراقية، وقال: ولدت ناقص النمو، وأُخذت من الحضانات على أيدي النظام السابق، وحاولت والدته «أن تأخذني، غير أن المستشفى رفضت تسليمي لها، وبعد ذلك استشهد والدي مما اضطرت والدتي الى الرحيل إلى المملكة العربية السعودية، وبعد عودتها حاولت البحث عني عن طريق «الصليب الأحمر» ووجدتني عند امرأة عراقية أخذتني من العراق»، مضيفا «وعدت إلى أرض الوطن عن طريق الصليب الأحمر، حيث كنت ابلغ من العمر عاما وشهرين وفوجئت الوالدة بفقدان بصري كليا».

الصالح: القوات العراقية دمرت مدارس التربية الخاصة
استحضر سليمان الصالح وهو مدير سابق في مدارس التربية الخاصة أثناء الغزو وأول مدير تنفيذي للمجلس الأعلى للمعاقين ذكريات الاحتلال وما خلفه من معاناة ودمار، حيث احتلت إدارة مدارس التربية الخاصة من قبل الفرقة 17 (قوات خاصة عراقية) واتخذوا منها مقراً لهم، لكون موقعها استراتيجياً وعبارة عن جزيرة يحدها شارعا القاهرة والمثنى في حولي، وتربطها شوارع جانبية، مضيفاً: اقتحموا المبنى بعد أسبوع من الغزو بمدرعاتهم ودباباتهم وكسروا البوابات وظلوا محتلين المكان متخذين منه مركزاً لإحدى قياداتهم العامة.
وتحدث عن الملحمة الوطنية وذكريات الوحدة والمحبة والصفاء التي اتسمت بها فترة التحرير وبداية إعادة إعمار إدارة مدارس التربية الخاصة في أول مارس، بالتعاون مع وزارة التربية بحسب تعبيره، حيث أصدر وكيل وزارة التربية، حينذاك، عبدالرحمن علي الخضري قراراً مكتوباً خطياً يقضي بتكليفه بالمشاركة في إعادة الإعمار وإزالة آثار الغزو، مردفاً «وواكب هذا العمل الاستعداد الفني واستدعاء أعضاء الهيئة التدريسية

المصدر: مي السكري / جريدة القبس .

متعب الفضلي

متعب الفضلي

بدر كرم

بدر كرم

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3602 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3940 0
خالد العرافة
2017/07/05 4524 0