0 تعليق
796 المشاهدات

اضطراب النطق والمناطق الصامتة.. قراءة العقل الدايسليكسي



الكاتب : انميش خير

ترجمة : وليد موعد

 

شكراً للغة المكتوبة التي تقدم ألفاظاً ذات اتساق عظيم

مشاهير مثل: ليوناردو دافنشي، وبول أورفالي والشاعر الايرلندي وليام بتلرييتز الشاعر والكاتب المسرحي الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1923 والممثل المعروف توم كروز كانت لديهم حالة الاضطراب في الكلام واستطاعوا جميعاً التغلب عليها

تشتهر الانجليزية بانعدام المنطق في استخداماتها اللغوية؛ ويتساءل المرء على سبيل المثال: إذا كنا نلفظ كلمة Tung = Tongue فلماذا لا تلفظ Arg = Argue وإن كانت enough هي ذاتها enuff فلماذا لا تكون bough = هي buff؟ إن أحكام اللغة الانجليزية الاعتباطية تفرض حالة تشويش وارتباك لدى متعلمي اللغة الانجليزية الأجانب، بقدر ما يحرفون من جهتهم بنظام ضبط التهجئة والإملاء Orthography.

إلا أن احباطات مثل هذه تدعو إلى اليأس، يوازيها ارتباك لدى المصابين بالاضطرابات الكلامية (دايسليكسيا Dyslexics) المترافقة مع عدم القدرة على التعلم، تجعل من القراءة والكتابة أمران مستحيلان.

أصبح لدى العلماء في العقدين الماضيين معرفة جمة بطرق معالجة الاعتلالات العصبية التي تقف وراء الاضطرابات الكلامية، ولكن ما لم يعلن عنه حتى الآن هو سبب الاختلاف في مدى التأثير ولماذا يتنوع من بلد لآخر، وما معنى هذا الاختلاف.

اقترح الخبراء البريطانيون والايطاليون والفرنسيون منذ فترة قريبة جواباً على ذلك، فالاختلاف ـ حسب رأيهم ـ يعتمد من وجهة النظر العلمية وبشكل كبير على تعقيدات نظم الكتابة Writing Systems. لقد اقترح فريق الخبراء ما يمكن وصفه بالشاهد المفحم الأول First Compelling Evidence الذي يعني بأن للاعتلال أساساً عصبياً عاماً بإطار ثقافي ولغوي Linguistic and Cultural Boundries.

تتناغم نتائج البحث Findings هذه مع ما نعرفه بآلية العمل التي تتحكم بقدرة الدماغ على القراءة، حسب رأي الدكتور «بينيت شاويتز» المدير العام المساعد لمركز الدراسات الخاصة بالتعليم والانتباه في جامعة يال Yale، وأن الدماغ لا يتمتع بقدرة سليقية على القراءة والنطق an innate speech and reading ability ولذلك يعالج الدماغ الكلمة المكتوبة من خلال تحليلها إلى مكونات جزئية للغة صوتية مألوفة Familiar Phonetic Language.

واستناداً للنظرية السائدة فإن مراكز القراءة الدماغية تحول الكلمات إلى وحدات صوتية Sound Units تعرف بالفونيمات Phonemes وهي أصغر جزء من الكلام تستخدم لجعل كلمة ما مختلفة عن أخرى، والشيء نفسه يحصل ضمن طريقتين مختلفتين، ففي الانجليزية نجد أن الـ b في big والـ p في pig تعطي فونيمين مختلفين وأيضاً الـ b والــ p في back و pack، ثم يتعرف عليها بوصفها رموزاً صوتية، ومن ثم تركب أجزاؤها كي يؤخذ المعنى من الرموز الموجودة على الصفحة.

إن معظمنا يتعلم هذا بشكل مجزأ في سن السابعة، وغالباً في حالة الاضطراب الكلامي لا يتمكن الشخص من استرجاع الخطوة الأولى، وفي هذه الحالة يقوم الدماغ بتجزئة الكلمات المكتوبة إلى فونيمات، وهذه الحالة لا تنعكس على الذكاء أبداً.

فالفنانون أمثال ليوناردو دافنشي، وبول أورفالي والممثل توم كروز ـ وثلاثتهم من المشاهير المعروفين والناجحين ـ لديهم حالة الاضطراب في الكلام.

هناك أيضاً نماذج تاريخية تعاني من هذا الاعتلال منها الشاعر الايرلندي وليام بتلرييتز، وإضافة لكونه شاعراً فهو كاتب مسرحي حائز على جائزة نوبل في الآداب لعام 1923، وجميعهم ـ رغم ذلك ـ تحدوا هذا الداء.

وخلال دراستهم قام العلماء بإجراء مقارنة على امكانية القراءة بين الذين يعانون من اضطراب الكلام من بريطانيا وفرنسا وايطاليا، فاكتشفوا بأن الايطاليين يقرؤون بشكل أفضل من نظرائهم الفرنسيين والانجليز.

وقد أثبتت قراءات الدماغ المتواصلة والمتفحصة أثناء تمارين قرائية بأن التخوم بين اللغة ونطاق العمليات المرئية Visual Processing Areas كانت غير فعالة عند حصول اعتلالات النطق Dyslexics بغض النظر عن نوع اللغة التي يتكلمون بها،.. إذن، لماذا يقرأ الايطاليون المعتلون بشكل أفضل؟

الفرق ليس في اللغات ذاتها، يقول «ايرلادو باوليو» المبدع الأول في جامعة ميلانو بيكوكا، وإنما في أنظمة الكتابة المختلفة بتركيبتها المعقدة لأسباب تاريخية.

ففي الانجليزية توجد 1120 طريقة مختلفة لتهجئة فونيماتها، والأصوات تتطلب لفظاً كاملاً لكل كلماتها، وعلى النقيض فإن الايطالية تحتاج لـ 33 توافقية من الأحرف كي يتم تهجئة فونيماتها (المجموعة التوافقية هي مجموعة مؤتلفة وهي من المجموعات المختلفة التي من الممكن تأليفها من عدد معين من الحروف الخ، مثل ab أو cb وغيرها مما يمكن تركيبه من a,b,c).

واستناداً لهذا فإن قراءة الايطالية تحتاج جهداً أقل، ومن الممكن أن يكون هذا سبباً مباشراً لتأثر المصاب الايطالي باعتلال النطق ـ بنصف ما يتأثر به المعتل الذي يعيش في أمريكا، حيث حوالي 51٪ من السكان هناك مصابون به.

حسب بعض التقديرات فإن الأمريكيين ينفقون ما قيمته أكثر من بليون دولار سنوياً لمساعدة أطفالهم المصابين باضطراب النطق Dyslexia.

بينما الكثير من الايطاليين المصابين باعتلالات النطق لا يعرفون بأنهم يعانون من الدايسليكسيا ويأتي اكتشافهم لها بعد إجراء اختبارات نفسية.

إن توصيف هذا التعارض والقول بأن الدراسة قد أنجزت ليس كافياً لحل المشكلة، ولكي يتم التأسيس لفهم خاص وعالمي لمنشأ عصبي للدايسليكسيا، فقد أوضح العلماء بأنه يجب على الأساتذة أن يفكروا مرتين قبل أن يصرفوا النظر عن حقيقة الاضطرابات النطقية عند الأطفال.

من المؤسف جداً القول وبعد مرور أكثر من نصف قرن على تشخيص هذا الاعتلال إنه لم يوضع حد نهائي له!

 

 

 

المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3592 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3923 0
خالد العرافة
2017/07/05 4518 0