0 تعليق
1790 المشاهدات

السيكودراما وتنمية مهارات التواصل الاجتماعي لدى التلاميذ ذوي صعوبات التعلم



الكاتب : د. سليمان رجب محمد

تحقق مهارات التواصل الإجتماعي للفرد وعياً بذاته وبالآخرين من حوله، إذ يندمج الفرد في الحياة الإجتماعية، الأمر الذي يساعد على التأثير في المجتمع والتأثر به، حيث يتبادل الفرد مع أفراد المجتمع الأفكار والمشاعر والإتجاهات بدرجةٍ تؤدي إلى الفهم العميق المتبادل، بما ينعكس على شخصيته وصحته النفسية.

ولهذا السبب يحمل التواصل في ثناياه ما يتمتع به الفرد من إيجابيةٍ تجاه ذاته وتجاه الآخرين، وما يتمتع به من سوية بصفة عامة، وعندما يفتقد الشخص معظم تلك المهارات، يتعذر عليه أن يحيا نفسياً واجتماعياً بشكل سليم، إذ يصعب عليه التواصل مع أفراد مجتمعه، مما يؤدي إلى مشاكل نفسية متعددة، وقد تكون خطيرة.

وإن كان الحال هكذا بالنسبة للإنسان العادي، فإنه سيكون أكثر سوءًا بالنسبة لمن لديه صعوبات في التعلم، حيث يلاحظ عند من لديهم صعوبات التعلم قصور واضحٍ في التعبير عن أفكارهم (لفظاً وإشارةً)، كما أنهم يفتقدون إلى مهارات الإستئذان والإعتذار والمبادأة ولا يلقون التحية، ويشعرون بالنبذ والرفض والإهمال، ومن ثم فهم يفتقدون إلى مهارات التواصل والتفاعل الإجتماعي.

ومما لاشك فيه أن تعطُل أو قصور مهارات التواصل الاجتماعي لدى الفرد نذيرُ خطرٍ على نموه النفسي والإجتماعي والتعليمي، وحين يفتقد الطالب ذو صعوبة التعلم إلى واحدةٍ أو أكثر من مهارات التواصل، فإنه لا يستطيع على المستوى الإستقبالي أن يفهم الرسائل الواردة إليه، كما أنه لا يستطيع على المستوى التعبيري أن يعبر جيداً عن رسائله للآخرين.

لذلك كانت السيكودراما سبيلاً تتخذه هذه الدراسة لتنمية مهارات التواصل الإجتماعي لدى ذوي صعوبات التعلم لما تُسهم به من توعية الفرد بذاته وبتصرفاته، وبالآخرين وبتصرفاتهم، وبما تقدمٌه من خبراتٍ تواصليةٍ وصولاً إلى فهم أعمق للتفاعلات الإجتماعية، حيث تعرض السيكودراما أنواعاً عديدةً من خبرات التواصل بنوعيه اللفظي وغير اللفظي، عبر الحركة «الفعل» والمحادثة.

ويذكر بلاتنر Blatner ـ (2001) أن السيكودراما تساعد على اكتساب التواصل اللفظي وغير اللفظي، متضمناً ذلك الإشارات الجسمية، وسرعة التحدث، ونبرة الصوت، بالإضافة إلى استخدام الرموز والإستعارات في تعبيرٍ مكتملٍ Full Expression يشمل البوح بما في النفس والتعبير عنه لفظياً، أو بصورةٍ غير لفظية.

وحسْبُ الباحث أن يذكر قول مورينو Moreno ـ رائد السيكودراما ـ أن السيكودراما تُسْهمُ في تنمية مهارات التواصل الاجتماعي، كما أشار كيرك Kirk ـ رائد صعوبات التعلم ـ أن ذوي صعوبات التعلم يعانون من قصور في مهارات التواصل الاجتماعي.

تعد إعاقات اللغة والتواصل من أكثر أشكال الإعاقة انتشاراً بين الأطفال عامة، وذوي صعوبات التعلم خاصة، ويتسبب القصور في مهارات التواصل الإجتماعي بالعديد من المعوقات لدى ذوي صعوبات التعلم، إذ يعوقهم ذلك القصور عن القيام بمهام الحياة اليومية، ومن إقامة علاقات تفاعلٍ اجتماعي مع الآخرين.. فيميلون إلى التجنب، ويشعرون بالرفض والنبذ من الآخرين، ويتعرضون للسخرية، ولأن السيكودراما تحققُ للفرد استبصاراً بنفسه وبالواقع من حوله، وتساعده على إقامة علاقاتٍ حيويةٍ مع المحيطين به كانت هذه الدراسة بغرض استكشاف فاعلية برنامج قائم على السيكودراما في تنمية مهارات التواصل الاجتماعي.

وهنا نتساءل عن مدى فاعلية استخدام السيكودراما في تنمية مهارات التواصل الإجتماعي لدى التلاميذ ذوي صعوبات التعلم بالمرحلة الابتدائية، حيث هدفت الدراسة إلى تبيين مدى فاعلية استخدام برنامج قائم على السيكودراما لتنمية مهارات التواصل الاجتماعي لدى عينةٍ من الطلاب ذوي صعوبات التعلم، وكذلك استمراريته إلى ما بعد فترة المتابعة.

وتنبثق أهمية ذلك من خلال تصميم برنامج قائم على السيكودراما يساعد على تنمية مهارات التواصل الاجتماعي لدى ذوي صعوبات التعلم، بينما تمثلت الأهمية التطبيقية في التحقق الإجرائي من مدى فاعلية هذا البرنامج.

والسيكودراما (الدراما النفسية Psychodrama هي شكلٌ من الأداء الإرتجالي (غير المتكلف) لدورٍ أو عدة أدوارٍ، يرسمها المعالج، ويؤديها الشخص تحت إشرافه، وذلك بهدف الكشف عن طبيعة بعض العلاقات الإجتماعية، وتعميق الوعي نحوها من جانب المريض.

أما مهارات التواصل الإجتماعي Social Communication Skills فهي مجمٌوعة من السلوكيات اللفظية، وغير اللفظية المٌتعلّمة، والتي تحقق قدراً من التفاعل الإيجابي مع البيئة الإجتماعية، سواء في محيط الأسرة، أو المدرسة، أو الأقران، أو المجتمع.

أما التلاميذ ذوو صعوبات التعلم Pupils With Learning Disabilities : فهم مجموعة من الطلاب الذين يتمتعون بقدرةٍ عقليةٍ متوسطةٍ أو فوق المتوسطة، وينخفض مستوى تحصيلهم الفعلي عن المتوقع منهم، لأن صعوبات تواجههم في بعض عمليات التعلم كالقراءة والحساب، أو الإدراك، ويُسْتبْعد منهم المعوقون جسمياً وذهنياً، وذوو الاضطرابات النفسيةٍ الشديدة.

وقد تكونت عينة الدراسة من «20» تلميذاً من تلاميذ المرحلة الابتدائية من ذوي صعوبات التعلم ، ومن ذوى القصور في مهارات التواصل الاجتماعي، ممن تراوحت أعمارهم بين «9 ـ 12» سنة، بمتوسط عمري «10.8» سنة، من تلاميذ الصف الخامس بمدرسة ومكتبة منشأة بدوي الابتدائية الجديدة بمدينة بنها،حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين وتضمنت الدراسة بالنسبة للأدوات: اختبار الذكاء المصور ، اختبار وكسلر المعدل لذكاء الأطفال، اختبار تشخيص صعوبات التعلم في مادة اللغة العربية والحساب لتلاميذ الصف الرابع الابتدائي،اختبار بندر جشطلت البصري الحركي، مقياس المستوى الاجتماعي الإقتصادي والثقافي، مقياس مهارات التواصل الإجتماعي لدى ذوي صعوبات التعلم وبرنامج السيكودراما.

وقد توصلت الدراسة إلى وجود فرق دال إحصائياً، عند مستوى «0.01» بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية والضابطة، في مهارات التواصل الاجتماعي بعد تطبيق البرنامج، بالإضافة إلى وجود فرق دال إحصائياً، عند مستوى «0.01» بين متوسطىّ درجات القياسين القبلى والبعدى، في مهارات التواصل الاجتماعي، وذلك في اتجاه القياس البعدي، مما يشير إلى تحقق «الفرض الثاني» من فروض الدراسة بعد تحقق الفرض الأول، وفي الختام توصلت الدراسة إلى أنه لا يوجد فرق دال إحصائياً، بين متوسطيّ درجات القياسين البعدي وما بعد المتابعة، للمجموعة التجريبية، في مهارات التواصل الاجتماعي، مما يشير إلى تحقق الفرض الثالث من فروض الدراسة.

 

 

المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3589 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3911 0
خالد العرافة
2017/07/05 4513 0