0 تعليق
820 المشاهدات

السباحة في بحر الصبر والتحدّي



أبناء الداون والإعاقات الذهنية مبدعون ومتميزون وماهرون في كثير من مجالات الإبداع.
وهناك حالتان فريدتان من فئة متلازمة الداون ونموذج رائع لقهر الإعاقة بسلاح الإرادة والأمل، إنهما غواصان في بحر الصبر والتحدي، مثّلا بلادهما في البطولات التي ينظمها الأولمبياد الخاص وحصدا من خلالها العديد من الميداليات، وحققا أيضاً العديد من الإنجازات الرياضية على مستويات عالمية وعربية وإقليمية، كما نالا شهادة رسمية من قبل الولايات المتحدة الاميركية في الغوص والمهارات المتطورة في عملية الإنقاذ، إنهما الغواصان مشعل جاسم البدر وخالد بادي الدوسري.
تم لقاء الغواصين من أبناء الداون ورصدت آراء وليي أمرهما اللذين حرصا على اكتشاف مواهب ابنيهما وتنمية طاقاتهما، ورصد تجاربهما، كما التقت المسؤولين عن تدريب الغواصين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
طالب رئيس الفريق الخاص رئيس فريق الإبحار لرحلة الأمل جاسم الرشيد البدر ونائب الفريق بادي الدوسري، بضررة إنشاء نادٍ رياضي لذوي الإعاقات الذهنية، آملين في أن تحظى جمعية أولياء أمور المعاقين والجمعية الكويتية متلازمة الداون، بالدعم المادي السنوي، فضلاً عن تخصيص مقرات لهم، امتثالاً بجمعيات النفع العام.
كما دعا المتحدثون أولياء الأمور الى دمج أبنائهم في المجتمع وعدم عزلهم، فضلا عن إتاحة الفرصة لأبنائهم، لإبراز مواهبهم وطاقاتهم الكامنة.

طاقة.. وإرادة
وقال رئيس الفريق الخاص رئيس فريق الإبحار لرحلة الأمل جاسم الرشيد البدر (ولي امر الغواص مشعل من فئة الداون) إنه من خلال العمل التطوعي بنشر التوعية في هذه الفئة، لاحظ أن هناك طاقات كثيرة من ذوي الإعاقات الذهنية لا يستفاد منها، وذلك لعدة أسباب، منها: عدم تفهم الأسرة وعدم إتاحة الفرصة لأبنائها بالاندماج في المجتمع وعدم وجود معلومات كافية لدى الأسر، وهذا ما حدث معنا عندما كان مشعل صغيرا، حيث تأخّر إلحاقه بالرياضة عشر سنوات بسبب عدم إدراكنا حينذاك بأن هذه الفئة قادرة على الإنجاز بالرياضة، بالإضافة إلى عدم وجود نادٍ متخصص لذوي الإعاقات الذهنية، مبيناً أن الفريق الخاص اتصل بمجموعة من أولياء الأمور لتأسيس نادٍ لهذه الفئة، كما قُدِّم الطلب للجهات الرسمية مرفقاً به نظام أساسي متكامل.

نادٍ بحري
ومضى بالقول «وقد تمت مؤخراً الموافقة على إنشاء هذا النادي، وجارٍ الآن إجراءات الإشهار، على أمل أن يكون هذا النادي بمستوى عالمي يليق بسمعة الكويت وحاجة هذه الفئة»، مشيراً إلى أن «الفريق بصدد الاتصال بجمعية المحامين الكويتية لعرض النظام الأساسي عليها لتأخذ دورها – أيضا – كجمعية نفع عام».
وروى البدر تجربته مع ابنه مشعل (من فئة الداون) وكيفية تعايشه مع ظروف الإعاقة، حيث قال «مشعل هو حالة وحيدة بالأسرة من حالة الداون، حيث لم نمر بتجارب مماثلة له، ولم يكن لدينا معلومات كافية عن الطريقة الصحيحة لرعايته، تعرضنا في الأيام الأولى لصدمة كبيرة، خفف منها إيماننا بضرورة قبول عطاء الله سبحانه وتعالى والتوجه لبحث الطرق التي تساعد حالته»، مضيفا بالقول «وبدأ الاهتمام به من جميع أفراد الأسرة، وأسفر ذلك عن تجربة ناجحة ترتبت عليها زيادة قدراته الذهنية والبدنية، وانعكس ذلك إيجابا على حياته وعلى الأسرة بشكل عام، نتيجة دمجه في المجتمع إلى سن الخامسة عشرة، حيث التحق بالأنشطة الرياضية، مما زاد من نمو قدراته الذهنية والبدنية، وجعلنا نقدر أهمية الدمج والرياضة لحياة هذه الفئة، ونشعر بالمسؤولية تجاه الآخرين من هذه الفئة التي تمثل اعداداً كبيرة تحتاج لرعاية مشتركة من جميع أفراد المجتمع».

رعاية
وأردف البدر بالقول «بدأت رعاية مشعل من خلال مرافقته لأفراد الأسرة منذ صغره للأسواق والدواوين والمطاعم والزيارات العائلية ومختلف المناسبات لتعويده على التعامل مع الآخرين وتعويد المجتمع على التعامل معه، كما بحثنا في هواياته ومنحناه الفرصة لتنميتها مثل الرسم والموسيقى وهواية صيد السمك وتعليمه السباحة، إلى أن أثبت قدرات مميزة، ما كان له أن يحققها لنفسه لو لم تتح له الإمكانيات للاشتراك فيها».
وتحدث البدر عن مسيرة ابنه الرياضية، وقال: لقد انضم مشعل للنادي الكويتي الرياضي للمعاقين وحقق انجازات في السباحة وألعاب القوى على مستويات عالمية وعربية وخليجية، ودخل دورة غوص بالمعدات على مستوى عالمي وحصل على شهادتين، أثبت من خلالهما قدرة هذه الفئة على التعلم والتدرب.
وأضاف البدر ان حالة مشعل – التي نعتقد كأسرة أنه كان يمكن أن يصبح في قمة التخلف لو ترك في المنزل، ولم يُدمج في العالم الخارجي من حوله – استطاعت أن تتطور بشكل كبير في كل نواحي الحياة من التحدث مع الآخرين والتعبير عن احتياجاته والاعتناء بمظهره وقدرته على استخدام أدواته المنزلية والتصرف باستقلالية وتمتعه بثقة كبيرة بنفسه.
كما حرص البدر على التذكير بأبرز المشاركات والإنجازات التي حققها مشعل، لافتاً إلى أنه استطاع تحقيق انجازات كثيرة، فقد حصل على مراكز كثيرة بالسباحة وألعاب القوى في البطولات التي ينظمها الأولمبياد الخاص من ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في لبنان وايرلندا وتونس وقطر ودبي والصين وبطولات محلية أخرى، كما التحق ببرنامج تلفزيون الأطفال ليصبح أحد فريق مقدمي البرنامج بمبادرة من مسؤولي البرنامج، تطبيقاً لما نادى به العقد العربي من ضرورة تسخير الإعلام لمصلحة هذه الفئة. وقد ساهم هذا البرنامج في خلق وعي اعلامي كبير عن هذه الفئة داخل الكويت وخارجها، نتيجة وجود عدة أنواع من الإعاقات بين طاقم مقدميه من الأطفال.

تجربة مميزة
وبين البدر أن هذا النجاح بتجربتنا مع مشعل وضعنا أمام مسؤولية الشعور بالأعداد الكبيرة من هذه الحالات التي تحدد الإحصاءات عددها %2 – %3 من الإعاقات الذهنية في كل مجتمع من «داون وتوحد وحالات أخرى»، وكلها تحتاج لرعاية مماثلة من دمجها في المجتمع وتوفير الأنشطة الرياضية لها ودراسة حالاتها الاجتماعية والتعليمية والقانونية.
هذا الشعور بالمسؤولية جعل الأسرة تنقل تجربة مشعل للآخرين بالتعاون مع أولياء امور ومتطوعين لمحاولة طرح كل قضايا هذا الفئة على المجتمع، للقضاء على المفاهيم الخاطئة والجهل والخجل.
وبدوره، نقل نائب رئيس فريق الإبحار بادي الدوسري تجربة ابنه خالد (19 عاما) مع الغوص، مشيراً إلى عشق ابنه لرياضة السباحة منذ نعومة أظفاره ورغبته في ممارسة هذه الرياضة، نظراً الى أهميتها البدنية والصحية لذوي الإعاقة، لا سيما لفئة الداون.
ولفت إلى التحاقه بالتدريب في نادي الغوص بالسالمية، ومن ثم تم تسجيله في نادي المعاقين، مشيراً إلى البطولات العربية والخليجية والعالمية التي شارك فيها، وأثمرت عن حصدها للعديد من الميداليات والإنجازات المشرفة.

دورات
وتحدث الدوسري عن الدورات التدريبية التي التحق بها ابنه والمتمثلة في دورة عن الغوص، والثانية في المهارات المتطورة التي يمكن من خلالها إنقاذ الآخرين، مضيفا «لقد اجتاز خالد وزميله مشعل هذه الدورة بنجاح بشهادة رسمية من قبل الولايات المتحدة الأميركية».
وعن الصعوبات التي اعترضت مسيرة ابنه، قال الدوسري «نحن مؤمنون بفكرة دمج هذه الفئة في المجتمع، باعتبارها علاجاً لهم»، ملمحاً إلى وجود إخفاق وجهل مجتمعي، لا سيما الأسر التي لديها مثل هذه الحالات، ولا تحاول دمج وزج هذه الفئة في المجتمع الذي ينتمون إليه.
وحث الدوسري أولياء الأمور على دمج أبنائهم من ذوي الإعاقة مع باقي أفراد المجتمع، لأنهم جزء منه، ومن حقهم العيش فيه مثل بقية الشرائح الأخرى، لافتاً إلى وجود حواجز كثيرة عند الأسر، فالبعض يتخوفون من رد فعل المجتمع، والبعض الآخر يكونون حريصين بشكل زائد على أبنائهم من الآخرين، وهذا أمر سلبي.

بصمة مميزة
وتابع بالقول «لذلك ثمة مسؤولية تقع على عاتق أولياء الأمور تجاه هذه الفئة، بحيث يكون لدينا بصمة حيال هذه الفئة وزجهم في المجتمع، بحيث نثبت للجميع أن أبناءنا يتمتعون بقدرات ومهارات، ومن حقهم أن ينعموا بحياة كريمة ويعيشوا في المجتمع من دون عزلهم، لأن ذلك يعتبر جرما بشريا»، على حد تعبيره، لافتاً إلى أن غرس المفهوم الخاطئ المتمثل في عدم دمج هذه الفئة يعد إحدى العقبات المجتمعة.
وتابع بالحديث: هناك بعض العقبات التعليمية والرياضية والقانونية، غير أننا نسعى للبحث عن حلول لهذه الأمور عند ذوي الاختصاص والجزء الآخر من المجتمع.

مشاركات وميداليات ذهبية
بعفويته البريئة، استعرض مشعل سلسلة إنجازاته ومشاركاته، لافتاً إلى أنه مثّل الكويت في بطولة الأولمبياد الخاص على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2002، في لبنان، وأحرز ميدالية ذهبية في السباحة الحرة 50م، وميدالية ذهبية في السباحة الحرة 100م، كحالة وحيدة من حالات الداون في الفريق الكويتي، وفي عام 2003 مثّل الكويت في الأولمبياد الخاص على مستوى العالم في أيرلندا وحصل على ميدالية برونزية في السباحة الحرة 50م، كما اشترك في البطولة المحلية للأولمبياد الخاص على مستوى الكويت في 8/12/2003، وحصل على ميدالية ذهبية في السباحة الحرة 100م، وميدالية ذهبية في السباحة الحرة 50م. ولفت مشعل إلى مشاركته في البطولة الإقليمية عام 2004، في تونس على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحصل على فضية وبرونزية في السباحة الحرة وسباحة الفراشة، إلى جانب مشاركته المحلية على مستوى الكويت في العام نفسه.

لا للخجل
دعا الدوسري أولياء أمور ذوي الإعاقة إلى عدم الحساسية فيما يتعلق بإعاقة أبنائهم، وإلى حث أبنائهم على الانخراط في المجتمع على طبيعتهم دون الخجل من إعاقتهم.

مبدعون ومتميزون
أكد ذوو الاحتياجات الخاصة أن ذوي الإعاقات الذهنية مبدعون ومتميزون، وفي داخلهم براكين باردة تحتاج إلى من يفجرها، سواء من خلال أولياء الأمور أو تهيئة البيئة المناسبة لهذه الفئة، المتمثلة في المجتمع والمدارس والمرافق والهيئات الحكومية لتسهيل عملية الدمج.

الجناح الثاني
وصف الدوسري وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة بالجناح الثاني لأصحاب قضية ذوي الإعاقة، مطالباً إياها بمواصلة الدعم وحمل قضية هذه الفئة على نحو دائم.

مفاهيم خاطئة
اعتبر البدر أن اعتماد الأسر على مفاهيم خاطئة وغير علمية، كالخجل من إعاقة أبنائهم أو الخوف من عزوف الآخرين عن الزواج من أسرته، يؤدي إلى تعقيد وضع ذوي الإعاقة وأسرهم، فضلاً عن تقوقعهم، لافتاً إلى أن تجربته الخاصة مع ابنه مشعل نتج عنها تطوير أفكاره وتوفير عيشة سعيدة للأسرة.
[CENTER]
[IMG]http://im41.gulfup.com/nibTY.jpg[/IMG]

[IMG]http://im41.gulfup.com/ZfYv1.jpg[/IMG]

[IMG]http://im41.gulfup.com/xt8Rh.jpg[/IMG]

[/CENTER]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3597 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3927 0
خالد العرافة
2017/07/05 4521 0