0 تعليق
344 المشاهدات

العلي : خفض سن الحدث يجعل الكويت الدولة الوحيدة التي تحاكم أبناءها جنائياً بعد الـ 16 عاماً



مع بداية العام 2017 دخل قانون الأحداث الجديد حيز التنفيذ، لتبدأ معه أولى الدعاوي والطعون أمام المحكمة الدستورية اعتراضا على بعض الأحكام والبنود الواردة فيه، وفي مقدمتها تعريف الحدث بأنه «كل شخص لم يتجاوز الـ 16 عاما من عمره» خلافا لما نص عليه القانون السابق رقم 3 لسنة 1983 الذي نص على أن الحدث هو «كل ذكر أو أنثى لم يبلغ سن الـ 18عاما»، حيث يعد هذا البند هو محل الخلاف الأكثر جدلا في القانون حتى الآن.هذا البند وغيره من نصوص القانون، دفعت المحامي علي العلي إلى اللجوء للمحكمة الدستورية للطعن في القانون في اليوم الثاني من تنفيذه. «الأنباء» التقت العلي للتعرف أكثر على أبرز المخالفات التي ارتكزت عليها صحيفة الدعوى.وأكد العلي أن خفض سن الحدث هو المحور الأساسي وراء الطعن، موضحا ان خفضه يجعل من الكويت الدولة الوحيدة التي تحاكم أبناءها كأشخاص بالغين بعد سن الـ 16 عاما، وبأحكام تصل عقوبتها إلى المؤبد والإعدام، مشيرا إلى انه وعلى الرغم من ذلك فإن القانون يحمل بعض الإيجابيات التي من الممكن المحافظة عليها في حالة تعديل بعض البنود محل الخلاف، وفيما يلي التفاصيل:

في البداية، ما تقييمك العام لقانون الأحداث الجديد خاصة مع دخوله حيز التنفيذ مطلع العام الجديد؟

٭ علينا في البداية أن نقر بأن قانون الأحداث يعد خطوة جيدة للحد من الجرائم التي تحدث بين هذه الفئات الشبابية، وذلك من خلال تطبيق نصوص القانون عبر هيئة مخصصة لرعاية الأحداث التي تنظر في المشاكل المتعلقة بتلك الشريحة وتبحث عن المسببات الرئيسية وراء ارتكابهم للجرائم. فقانون الأحداث يتمتع بالعديد من الإيجابيات والسلبيات في الوقت ذاته، ومن ايجابياته أنه سيفتح الأبواب أمام خفض سن الحدث في المشاركة السياسية، ولكنه سيؤدي من جانب آخر إلى العديد من السلبيات، منها زيادة أعداد بلاغات التغيب وهروب الفتيات من منازلهن لتقع وزارة الداخلية في مأزق حقيقي جراء هذا القانون.

ما أبرز الثغرات في القانون الجديد والتي استند عليها طعنك أمام المحكمة الدستورية؟

٭ أتوقع بطلان هذا القانون لعدة مخالفات واتمنى من المحكمة الدستورية قبول هذا الطعن، لأن القانون الجديد لا يعد الطفل الذي تعدى سن 16 حدثا إنما يحاكمه جنائيا بعقوبات قد تصل إلى الإعدام أو المؤبد باعتباره بالغا، فهناك العديد من الركائز الأساسية التي استندت إليها في الطعن ضد بعض بنود القانون ومنها أن مجلس الأمة السابق قد ناقض نفسه من خلال اقراره بخفض سن الحدث إلى 16 عاما وهو ما يعني تعارضه مع المادة 2 من قانون الطفل الكويتي الذي أقره نفس المجلس عام 2015، والذي ينص على أن «الطفل كل ذكر أو أنثى لم يبلغا من السن 18 عاما»، وهو ما يخلق نوعا من التضارب بين القانونين ويشكل أحد الكوارث والمشكلات في التعامل القانوني معهم أمام مؤسسات الدولة.

كيف سيتم التعامل مع المرحلة العمرية من 16 إلى 18 سنة أمام مؤسسات الدولة في ظل وجود قانوني الطفل والأحداث؟

٭ سيتم التعامل مع هذه الشريحة من الناحية الجنائية في المحاكم وفق قانون الأحداث حتى سن 16عاما، بينما يحاكم وفق القانون الجنائي كشخص بالغ إذا تخطى هذا العمر ليحصل على أحكام مشددة وعقوبات قد تصل إلى المؤبد أو الإعدام، أما فيما يتعلق بالقضايا المدنية والتعاملات التعاقدية والتجارية والأحوال الشخصية فسيتم التعامل معه كطفل حتى سن الـ 18 من عمره، مع العلم أن الجانب الجنائي هو الأكثر خطورة على الطفل والتي تعد أحكامه على سن 16 فما فوق بمنزلة ضياع لمستقبله.

هل ترى وجود ضرورة قصوى لخفض سن الحدث إلى 16 عاما؟

٭ العكس صحيح، فليس هناك ضرورة لتقليص سن الحدث من عمر 18 إلى 16 عاما، خاصة أن اقرار مثل هذا القانون قد يظلم تلك الفئة ويحرمهم من فرصة جديدة لبداية حياتهم نتيجة لرفع عدد سنوات الحكم عليهم.

ما أبرز السلبيات والمشكلات التي ستنتج عن خفض سن الحدث؟

٭ من أبرز السلبيات الناتجة عن خفض سن الحدث إلى 16 عاما، أننا نعاني اليوم من ظهور وتفاقم العديد من الظواهر السلبية التي يتعرض لها أصحاب تلك الفئة العمرية مثل انتشار المخدرات والعنف في المجمعات التجارية والمدراس، وتلك الظواهر تحتاج إلى إيجاد طرق وسبل علاجية ناجحة، لا أن تكون سبيل لإنهاء حياة أهم شرائح المجتمع ووقوده المستقبلي، خاصة وأن كلمات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ارتكزت دائما على أن تلك الشريحة هم رجال الغد وقادة المستقبل والثروة الحقيقة للكويت.

البعض يرى أن خفض السن يعود لأسباب أمنية تهدف إلى مكافحة الجرائم والحرص على عدم استغلال هذه الشريحة في العمليات الإرهابية، ما رأيك في ذلك؟

٭ خفض سن الحدث لا يشكل مبررا لمعالجة هذه القضية، خاصة وأن الحدث في القانون السابق لم يكن معفيا من العقوبة ولكن اعتبر أن الطفل دون 18 عاما هو شخص غير بالغ أو كامل الأهلية ولا يتمتع بإدراك كامل، ليتم معالجته وتقويم سلوكه بعقوبات مخففة، على خلاف ما ينص عليه القانون الجديد الذي يشكل إعداما لأمل عودة الحدث إلى حياته الطبيعية مرة أخرى، وبذلك فإذا كان هذا الاجراء يهدف إلى مكافحة استغلال بعض الجهات الآثمة للحدث في هذا السن، فإننا سنشارك بجريمة أخرى في حق الحدث لأننا لم نفكر في إيجاد حلول بديلة لتوعيته حتى لا يقع فريسة سهلة لتلك المنظمات والجهات الإرهابية.

هل يتعارض هذا القانون مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية والتي صادقت الكويت على بعض منها؟

٭ بالتأكيد، فقانون الأحداث الجديد يخلق تعارضا آخر مع المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والملزمة لجميع الدول المصدقة عليها ومن ضمنها الكويت، حيث تقر جميع الاتفاقيات والمواثيق الدولية بتعريف الطفل باعتباره من لم يتجاوز الـ 18 من عمره، وبالتالي فإن خفض سن الحدث يجعل من الكويت الدولة الوحيدة التي تحاكم أبناءها كأشخاص بالغين بعد سن الـ 16 وبأحكام تصل عقوبتها إلى المؤبد والإعدام، وهو ما يمس سمعة الكويت في الجوانب المتعلقة بالحريات واستخدام طرق الحبس والقمع في حل مشاكل تلك الشريحة دون إيجاد طرق علاجية أكثر فعالية.

هل توجد نصوص وبنود اخرى في قانون الأحداث الجديد بحاجة الى إعادة دراسة؟

٭ بالطبع، هناك بعض البنود التي يجب دراستها وإعادة النظر إليها بدقة، خاصة فيما يتعلق بالجوانب النفسية مثل الحبس الاحتياطي في ظل أن الهدف الأساسي من القانون هو تأهيل الأحداث ومراقبة سلوكه ومعرفة الدوافع المختلفة وراء ارتكابهم للجرائم ومعالجتها دون تقييد حريتهم فيما عدا جرائم القتل.

ما الآليات التي يجب توفرها لحماية الأطفال من الوقوع في المساءلة القانونية مع بداية التطبيق الفعلي للقانون؟

٭ من الضروري إيجاد آليات واضحة وسريعة مع تفعيل القانون وذلك عبر تخصيص هيئة أو مؤسسة لتوعية الشباب والمراهقين والمساهمة في إصلاح احوالهم قبل تغليظ العقوبات عليهم، بالإضافة إلى مراعاة المناهج التعليمية لهذه المستجدات عبر تعريف تلك الشريحة بالمخاطر التي قد يتعرضون إليها في حالة مخالفتهم للقانون، خاصة وأن القانون الجديد لا يسهم بالشكل المطلوب في الحد من الجرائم.

هل لمجلس الأمة الحالي دور أو صلاحيات في تعديل القانون الجديد؟

٭ نعم، للمجلس الحالي دور كبير باعتباره المشرع الوحيد الذي بإمكانه تغير أو تعديل بعض البنود الخاصة بالقانون في الكويت، وبالفعل بعد الحملة التي أقوم بها لتعديل هذه البنود فقد تلقيت ردود أفعال ووعود إيجابية من بعض النواب في المجلس للتحرك من أجل تعديلها بما يحقق مصلحة أبنائنا.

ماذا عن السجون المخصصة للأحداث وخاصة في المرحلة العمرية التي لم يشملها قانون الحدث؟

٭ في القانون السابق كان الحدث يستكمل مدته بعد بلوغه سن الـ 18 في السجن المركزي للبالغين، مما يعرضهم إلى مخاطر أخرى مثل الوقوع في قضايا جديدة مثل المخدرات او الحوادث الجنسية، فكانت إحدى عيوب القانون السابق في هذا المجال هو عدم توفير الحماية الكاملة للحدث بعد بلوغه 18، ولكن التساؤل هنا كيف أقوم بمعالجة هذه المشكلة بخفض السن أيضا من ثم تعريض شريحة أكبر لهذه المخاطر؟ ، فالأحداث يتعرضون إلى الاستغلال الجنسي داخل السجون من قبل بعض السجناء، مما يجعل وضع حدث في سن الـ 16 بالسجن المركزي مع أصحاب القضايا الكبيرة والمجرمين مجازفة بحد ذاتها قد تصنع منه مجرما جديدا.

ولكن القانون الجديد قد أقر بضرورة توفير سجن خاص للأحداث، وتوفير سجون للفئة العمرية من 16 الى 18 عاما داخل «المركزي»؟

٭ نعم، ولكن وزارة الداخلية لم تنجح في تطبيق تلك المواد، وهذا الجانب كان من ضمن الركائز الأساسية التي اشتمل عليها الطعن المقدم للمحكمة الدستورية وذلك لعدم وجود سجون مخصصة لتلك الشرائح العمرية حتى الآن، فالأماكن والسجون الحالية غير جاهزة لاستقبالهم ولا توجد سجون أخرى سوى «المركزي» وسجن الأحداث القديم، وبناء على ذلك فدخول القانون حيز التنفيذ دون وجود السجون المنصوص عليها لحماية الأحداث خطر على حياتهم، مما يدفع إدارة السجون إلى إيداعهم في السجون ذاتها المعمول بها في القانون السابق.

هل هناك من إيجابيات للقانون الجديد؟

٭ من ضمن إيجابيات القانون وجود هيئة مستقلة ترعى الأحداث وتوفر لهم التربية والرعاية الصحية اللازمة والمتمثلة في «الهيئة العامة لشؤون الأحداث»، والتي لم تكن موجودة في القانون السابق، ولكن تطبيق هذا القانون مع عدم جود الهيئة إلى الآن هو فشل للقانون بحد ذاته.

ما اختصاصات الهيئة العامة لشؤون الأحداث وفقا لقانون الأحداث الجديد؟

٭ يقع على عاتق الهيئة دور كبير في المتابعة مع كافة قطاعات الدولة لكل ما يخص الحدث ليشمل ذلك المتابعة والتنسيق مع وزارات التربية والتعليم والأوقاف والعدل، وذلك لحل جميع المشاكل المتعلقة به، بالإضافة إلى أنها تعد الجهة الأولى المسؤولة عن الحدث في الدولة وذلك بعد الأسرة، وتقدم كل سبل الدعم لهذه الشريحة وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لها، فضلا عن مساعدتها لاستكمال التعليم أثناء قضاء فترات العقوبة، لأن الكثير من الأحداث كانوا يعانون سابقا من عدم حصولهم على التعليم أو الشهادة الدراسية حتى يتمكنوا من كسب الرزق بعد انتهاء فترة العقوبة.

حدثنا عن أقصى العقوبات التي يفرضها القانون الجديد على الحدث؟

٭ العقوبات المشددة التي يحكم بها القانون على الحدث تتراوح ما بين 10 و15عاما وذلك للشريحة اقل من 16 سنة، ولكنها تعد أيضا عقوبات مغلظة على طفل لا يملك الإدراك والوعي الكافيان وذلك بإقرار جميع الاستشاريين النفسيين والاجتماعيين في العالم كونها مرحلة مراهقة وتهور، وأؤكد على أنا هذا الأمر لا يعني تشجيعنا للأطفال على العمل الإجرامي، والإنسان يكون أكثر إدراكا ووعيا بعد 18 عاما.

هل هناك قضايا تم تسجيلها بالفعل خلال الأيام الأولى من دخول القانون حيز التنفيذ؟

٭ نعم، سجلت بعض القضايا ضد الأحداث في ليلة رأس السنة وستتم محاكمتهم وفق نصوص القانون الجديد، إلا في حالة بطلان القانون أو إيقاف العمل به حتى النطق بالحكم مع استكمال محاكمتهم وفق القانون السابق، من المتوقع أن صدور الحكم ببطلان القانون سيستغرق 3 أشهر تقريبا حتى يتم تحديد جلسة للنطق به.

 

 

المصدر : كريم طارق \ جريدة الانباء

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3601 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3938 0
خالد العرافة
2017/07/05 4523 0