إسماعيل إصلاح: «اللص الصامت» يسلب البصر في غفلة

أكد استشاري طب وجراحة العيون في مستشفى المواساة الدكتور إسماعيل إصلاح أن مرض الغلوكوما لا توجد له أعراض عادة، ولذا يسمى بـ«لص النظر» الصامت الذي يسلب المرء نظره دون أن يشعر به.

وقال الدكتور إصلاح في حوار لـ«الراي» إن تشخيص الغلوكوما يتم عن طريق اختبار ضغط العين، وعندما يكون التشخيص مبكرا يصبح من أهم وسائل تفادي المرض وعلاجه، مشيرا إلى أن احتمالية الإصابة بالمرض واردة في أي عمر وتزداد كلما تقدم الشخص في العمر خاصة بعد سن الأربعين.

ولفت إلى عدد من الوسائل العلاجية للغلوكوما من القطرات الحديثة والعلاج بالليزر وجراحات زرع الصمام لتصريف السائل الزائد، والجراحات اللا اختراقية التي تحقق نسب نجاح عالية مع مضاعفات أقل،لافتاً إلى أنه يقوم بإجرائها منذ عام 2009 وتحقق نسب نجاح ممتازة تفوق الـ90 في المئة.

وأوضح إصلاح في سياق آخر أن علاجات اختلال شبكية العين بسبب السكر تطورت كثيراً خلال العشر سنوات الأخيرة، لافتاً إلى وجود حقن جديدة تحقن داخل مقلة العين تحت تخدير موضعي وتؤدي إلى تحسين النظر وامتصاص الارتشاح من العين والعمل على اختفائه وتتمتع بدرجة مأمونية عالية وتحقق نتائج ممتازة… مزيد من التفاصيل في السطور التالية:

• ما مرض الغلوكوما؟

– الغلوكوما «الماء الأزرق» هو ضمور بالعصب البصري، الذي يحمل المعلومات من الطبقة الحساسة للضوء في العين والشبكية إلى الدماغ الذي يحولها إلى صورة وعادة ما يكون سبب تلف العصب البصري ارتفاع ضغط العين والذي يؤدي إلى فقدان النظر الجانبي أولاً ومن ثم يتم فقدان البصر بشكل كلي إن لم يتم تشخيص المرض وعلاجه.

• هل هناك أنواع من الغلوكوما؟

– نعم هناك أنواع ومنها الغلوكوما المزمنة وهي من أكثر الانواع شيوعا وهى مرض مزمن بطيء حيث يمكن للسائل المائي الوصول ببطء لقنوات التصريف «الزاوية المفتوحة» والتي تضيق تدريجيا على مدى سنوات عديدة ويرتفع معها ضغط العين ببطء شديد أيضاً دون الشعور بألم يكفي لإظهار المشكلة مع ضعف مجال الرؤية بشكل تدريجي.

وهناك نوع آخر من الغلوكوما وهي الحادة المفاجئة وهي أقل شيوعاً وتحدث بفعل انسداد مفاجئ يحول دون تدفق السائل المائي إلى خارج العين وذلك لانغلاق الزاوية الضيقة التي تعوق السائل من الوصول إلى قنوات التصريف وهذا النوع مؤلم جداً ويتسبب بضرر بليغ في النظر إذا لم يتم علاجه في الوقت المناسب.

• هل من أنوع أخرى يمكن تسليط الضوء عليها للماء الأزرق؟

– نعم، هناك الغلوكوما التي تحدث نتيجة ارتفاع ضغط العين بسبب مرض آخر في العين ولذا تسمى بالثانوية وهناك أيضاً الغلوكوما الخلقية أو الغلوكوما النامية وتنجم بسبب تشوه خلقي في العين وهي خطيرة لكنها نادرة وتصيب الأطفال الرضع.

• ومتى تظهر الأعراض؟

– عادة لا يوجد أعراض للغلوكوما فهي مرض صامت دون ألم ولذلك يسمى بـلص النظر الصامت الذي يسلب المرء نظره دون أن يشعر وفي معظم الأحيان يتم تشخيص الغلوكوما أولا عن طريق اختبار ضغط العين.

• ما مدى انتشار هذا المرض في الكويت؟

– لا توجد إحصائيات وثيقة في الكويت بتحديد نسبة الإصابة بمرض الغلوكوما ولكن توجد دراسات في دول مجاورة توضح أن نسبة حدوث المرض تصل إلى 5 في المئة بعد سن الـ60 والإحصائيات العالمية لعام 2010 تشير إلى أن المرض يصيب نحو 60 مليون شخص على مستوى العالم وانه من المتوقع ان تزيد نسبة الاصابة لتصل الى 80 مليون نسمة في العالم حتى عام 2020، ومع الأسف الشديد أشارت احدى الاحصائيات الصادرة في سويسرا إلى ان 50 في المئة من المصابين بالمرض لا يعلمون عنه، لما أشرنا اليه بان المرض لا يحمل اعراضاً، وهناك نسبة كبيرة ان لم تكن النسبة الاكبر من هؤلاء في الدول العربية.

• هل هناك فئات معينة معرضة للاصابة بالغلوكوما؟

– إن احتمالية الإصابة بالمرض واردة في أي عمر وتزداد كلما تقدم الشخص في العمر خصوصاً بعد سن الأربعين، أيضاً من له قريب مصاب بالغلوكوما المزمنة لابد أن يجري فحص العينين على فترات منتظمة وهذا أمر مهم لا سيما لمن هم في سن الـ40 وأكثر على أن يتم الفحص مرة واحدة في السنة.

أيضاً احتمال الاصابة بالمرض قد تكون أكبر لدى من يعانون من قصر نظر شديد أو مرضى الكورتيزون أو من تعرضوا لجراحات العين، أو من لديه إصابة في العين إلى جانب أن أصحاب البشرة الداكنة ومن يعانون من التهابات القزحية معرضون للإصابة بمرض الغلوكوما.

• وكيف يعرف المريض أنه يعاني من ارتفاع في ضغط العين؟

– في الشخص السليم يوجد توازن بين معدل إفراز السائل المائي للعين والذي يفرزه الجسم الهدبي، ومعدل صرف السائل خلال الشبكة الحويجزية خلال زاوية العين، بحيث يكون الضغط الطبيعي للعين من 11 الى 21 ملم زئبقي، والنوع الشائع من الغلوكوما يكون الضغط أكبر من 21 وبشكل مزمن، ومع الأسف لا يمكن للمريض أن يكتشف المرض أو يعرف أعراضه في مراحله الابتدائية والذي يعني أن كثيراً من الناس يحملون المرض دون ان يشعروا بذلك، لذا اطلق عليها لقب لص النظر الصامت الى ان يصل الى مراحل متقدمة ومن ثم يشعر المريض بفقدان في النظر الجانبي وإن العلاج بالأدوية في مراحل المرض الاولى ليس علاجا موقتا بل يجب الاستمرار في استعماله مدى الحياة حيث يؤدي الانقطاع عنها إلى ارتفاع الضغط مرة أخرى.

• ما أفضل طرق العلاج من المرض؟

– نؤكد ان التشخيص المبكر من أهم وسائل تفادي المرض حتى يسهل علاجه في المراحل الابتدائية عن طريق قياس ضغط العين بشكل دوري أو من خلال الفحص المنتظم والذي يعد أفضل وسيلة لاكتشاف وجود الغلوكوما فى مراحلها المبكرة، كما نشير الى ان وسائل العلاج للغلوكوما هدفها خفض ضغط العين وقد تكون بتقليل افراز السائل او زيادة تصريف سائل العين وهناك عدة طرق للعلاج على حسب حال المريض، فالقطرات الحديثة تعتبر علاجاً جيداً في المراحل الابتدائية للمرض، خصوصاً ان مضاعفاتها قليلة جدا على ان يستعملها المريض دون انقطاع مدى الحياة.

• هل من مضاعفات يمكن ان يسببها العلاج عبر القطرات الحديثة؟

– عادة ما تكون هناك حكة بسيطة او إحمرار في العين او حساسية غير ملحوظة ولكنها لا يمكن ان ترقى لتكون مضاعفات خطيرة.

• وفي حال تأخرت حالة المريض هل هناك طرق علاج أخرى؟

– في حالة عدم استجابة المريض لعلاج القطرات نلجأ الى الليزر وهنا يجب على المريض أن يفرق بين الليزر المعالج للغلوكوما والليزر المعالج لتصحيح النظر، ونتائج ذلك شبه مضمونة ومضاعفاتها قليلة، وقد يضطر المريض الى إجراء عملية جراحية تساعد على تصريف سائل العين حتى ينخفض ضغطها إلى المعدل الطبيعي في حال عدم الاستجابة لعلاج الليزر، ومن العمليات الجراحية الشائعة ما يطلق عليها الترابكيلكتومي والتي تصرف السائل الزائد من داخل العين الى سطحها.

وهناك أيضا جراحات زرع الصمام لتصريف السائل الزائد، فضلا عما انتشر حديثاً في العالم ما يطلق عليه الجراحات اللا اختراقية وأجدها من الانواع المعقدة الاكثر أمانا والاقل مضاعفات والاصعب تقنية فنتائجها بعد عشر سنوات تضاهي جميع العمليات الجراحية السابقة.

• هل تقوم بإجراء عملية الجراحات اللاختراقية؟

– عندما عدت من لندن من مستشفى مورفيلدز عام 2002 كنت اول مختص في علاج مرض الغلوكوما في تاريخ الكويت فضلا عن أني كنت اول مختص في الكويت حصل على دورات في الجراحات اللا اختراقية وقد حصلت عليها من سويسرا والمانيا تلك الجراحات التي تعد من اهم علاجات الغلوكوما.

ومنذ عام 2009 أقوم بتلك النوعية من الجراحات وهي جراحة معقدة وصعبة لكنها تتميز بأن نسبة نجاحها عالية ومضاعفاته اقل مقارنة بالجراحات التقليدية وتحقق نسب نجاح ممتازة تفوق الـ90 في المئة.

• ماذا عن نسب الإصابة بالغلوكوما مقارنة بالماء الأبيض؟

– الغلوكوما تصيب 3 الى 8 في المئة من السكان، بينما الماء الابيض يمكن ان يصيب الكل مع تقدم العمر فعلى سبيل المثال يمكن ان تجد جميع الاشخاص للشريحة العمرية 80 سنة وما فوق عندهم الماء الابيض.

• هل من فروق معينة بين الماء الأبيض والغلوكوما؟

– من بين أهم الفروق ان الماء الابيض حتى لو يزداد مع الوقت أو يكون قد وصل الى مرحلة متقدمة فإن النظر يعود بعد العلاج عبر عملية جراحية تخصصية إلى طبيعته اذا لم يكن المريض يعاني من أمراض أخرى بنسبة 6 على 6 لكن في ما يخص الغلوكوما فإن ما يحدث من تلف في العصب البصري ليس له حل.

وعلاج الماء الابيض يتم عبر عملية تخصصية وعادة هي من عمليات اليوم الواحد التي تتم عبر تخدير موضعي وتشمل إزالة الماء الابيض وزرع عدسة صناعية داخل مقلة العين تستمر داخلها مدى الحياة وهي جزء أساسي من العملية ونسبة نجاح العملية عالية جدا وتفوق 95 في المئة.

• كيف ترى العلاقة بين مرض السكر وأمراض العيون؟

– مرض السكر من الامراض الشائعة بالكويت وتقريبا نحو 30 في المئة من سكان الكويت مصابون به بسبب النمط الحياتي وقلة الحركة وغيرها من الأسباب، ومرضى السكر بحكم انه يؤثر على الاوعية الدموية فإنه يؤثر على جميع أعضاء الجسم ومنها العيون حيث يمكن أن تحدث لدى مرضى السكر مشاكل في العيون وخصوصاً بالشبكية دون ان يشعروا بأعراض إلا في مرحلة متقدمة وعليه لا بد من فحص دوري مرة على الأقل كل 6 اشهر عند طبيب مختص.

• ما التأثيرات الصحية لمرض السكر على عيون المصاب به؟

– مرض السكر يمكن ان يسبب انسدادا في الاوعية الدموية لشرايين العين وارتشاح البلازما من الاوعية الدموية داخل شبكية العين ما يتسبب في مشاكل منها عدم اتضاح الرؤية ونزيف حاد في الجسم الزجاجي للعين وهذا بسبب نمو اوعية دموية جديدة بتركيب ومكان غير صحيح.

• ماذا عن العلاج للمشاكل التي تصيب عيون المصاب بداء السكر؟

– علاجات اختلال شبكية العين بسبب السكر تطورت كثيرا خلال العشر سنوات الأخيرة حيث كان العلاج المستخدم في السابق هو الليزر لكن الآن هناك حقن جديدة تحقن داخل مقلة العين تحت تخدير موضعي وهي عملية بسيطة وتحقق نتائج ممتازة وتؤدي الى تحسين النظر وامتصاص الارتشاح من العين والعمل على اختفائه، وليس هناك أي خوف منها لدرجة مأمونيتها العالية.

• ماذا عن مدة العلاج عبر تلك الحقن؟

– هناك بروتوكولات علاجية عالمية نطبقها ووفقا لها فانه خلال السنة الاولى من العلاج نعطي المريض 9 حقن وبين كل حقنة وأخرى يجب مرور على الأقل مدة 4 أسابيع، ومن ثم تقييم النتيجة عبر جهاز معين لقياس سمك الشبكية OCT والذي يدل على مقدار الارتشاح وبناء على ذلك تحدد مدى استفادة المريض وعليه تقرر مدى حاجة المريض لحقن أخرى. وأود الإشارة إلى أن جميع تلك الحقن متوافرة في مستشفى المواساة فضلا عن توافر كل العلاجات الخاصة بمشاكل العين لدى مصاب السكر.