0 تعليق
539 المشاهدات

خفّف ألمك بمساعدة دماغك!



يتحوّل الألم اليومي إلى جزء لا يتجزأ من حياتك مع التقدم في السن. ويتراوح عادةً بين أوجاع الصباح، ونوبات المفاصل المتقطعة، وآلام مبرحة تقضّ مضجعك وتنعكس سلباً على صحتك كلها. تؤدي بك هذه الحال إلى تناول كثير من الأدوية، ولكن الخبر السار أنك من خلال دماغك تتمكّن من تبديل نظرتك إلى الألم.

للألم دور مهم، لأنه ينبّه أجهزة جسمك إلى الإصابات المحتملة كي تتمكّن من معالجتها. يوضح الدكتور جيانرن ماو، مدير مركز بحوث الألم الانتقالية في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: «يشبه الألم ضغط الدم، الذي لا يتحوّل إلى مشكلة إلا إن ارتفعت معدلاته كثيراً. على نحو مماثل، يجب ألا تلجأ إلى الأدوية أو أي نوع آخر من العلاج، إلا عندما يصبح الألم لا يُحتمل».

لكنّ عدداً كبيراً من الناس يتفاعلون مع الألم بالطريقة عينها. مهما كان مصدره أو حدّته، يسارعون إلى تناول المسكنات، علماً أن هذه العادة تتحوّل بسرعة إلى نوع من الاعتماد. إلا أن الحل الأكثر أماناً والأفضل للصحة لا يرتكز على محاربة الألم، بل على تبديل رد فعلك تجاهه.

مشاكل المواد الأفيونية

أدى السعي إلى الحد من الألم اليومي (أوجاع الظهر، الصداع النصفي، داء المفاصل، وغيرها من حالات مزمنة) إلى ارتفاع كبير في وصف المواد الأفيونية، مثل الهيدروكودون (Vicodin) والأكسيكودون (OxyContin وPercocet).

صحيح أن المواد الأفيونية تساهم في الحد من الألم الفوري، إلا أن المشكلة تنشأ عندما يتناولها المريض فترة طويلة. يذكر الدكتور ماو: «يمكن لعلامات الاعتماد أن تظهر في غضون خمسة أيام. وكلما طالت فترة تناول المواد الأفيونية، تفاقم الاعتماد عليها وتحملها».

قد تؤدي هذه الحالة إلى الإدمان ودخول المستشفى. في هذا السياق، تُظهر دراسة أجراها أخيراً مجلس السلامة الوطني في الولايات المتحدة الأميركية أن احتمال دخول المستشفى يزداد بنسبة 68% بين مَن تخطوا الخامسة والستين من العمر ويتناولون مواد أفيونية، مقارنة بمن يلجأون إلى مسكنات ألم لا تحتاج إلى وصفة طبية.

تحاول مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة حلّ هذه المشكلة. لذلك تقترح معالجة الآلام الناجمة عن حالات ترتبط بالتقدم في السن، مثل داء المفاصل وأوجاع الظهر، بعلاجات لا تتطلّب وصفة طبية، مثل الأسيتامينوفين (Tylenol) أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل الأسبيرين، الإيبوبروفين (Advil)، والنابروكسين (Aleve).

ولكن حتى تلك الخيارات لا تُعتبر دوماً آمنة. لما كان من السهل الحصول عليها ولا تتطلّب موافقة طبية، فقد يسيء الناس استعمالها، ما يعرضهم لتأثيرات جانبية بالغة الخطورة. على سبيل المثال، تلحق الجرعات العالية من الأسيتامينوفين الضرر بالكبد، في حين تسبّب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية نزفاً في الجهاز الهضمي.

تأثير الدماغ في آلام الظهر

تشير التقديرات إلى أن %80 من الناس يختبرون آلام الظهر في مرحلة ما من حياتهم. لكن الدكتور سريني بيلاي من كلية الطب في جامعة هارفارد يشير إلى أن الإجهاد والقلق يساهمان بشدة في هذا الألم، وأن أوجاعك تتراجع عندما تفكر فيها بطريقة مختلفة.

نظرة جديدة

قد تشعر بأنك صرت اليوم أكثر تأثراً بالألم مما كنت عليه في شبابك. ولكن مع أن المسنين يصبحون أكثر ضعفاً أمام الحالات المسببة للألم، إلا أن نظرتهم إليه قد لا تتبدّل مع التقدم في السن، حسبما يوضح الدكتور ماو. ويضيف: «يستطيع البعض التفاعل مع الألم وتحمّله بشكل أفضل، مقارنة بالآخرين».

ولكن حتى لو كانت قدرتك على تحمّل الألم متدنية، ثمة طرائق تساعدك في تبديل نظرتك كي لا تسارع إلى فتح عبوة المسكنات. ينصح الدكتور ماو: «بدّل رد فعلك كي تنجح في تعزيز قدرتك على الاحتمال». إليك مقاربتين تعودان عليك بفائدة أكيدة:

1 الارتجاع البيولوجي: يشمل هذا النوع من العلاج تدريب المريض على التحكم في العمليات الجسدية (مثل توتر العضلات، ضغط الدم، ونبض القلب) التي تنشأ جراء مسبِّبات الإجهاد مثل الألم. خلال الجلسة التي تدوم ساعة عادةً، تراقب أقطاب متصلة بالبشرة رد فعلك تجاه محفزات مختلفة، ثم يساعدك المعالج في تطبيق خطوات عقلية وتمارين استرخاء تكبح ردود الفعل السلبية. صحيح أن هذه المقاربة تقوم على التجربة والخطأ، غير أنك تتعلّم تدريجياً تعديل رد فعلك عندما تواجه نوبة ألم أو انزعاج.

2 التخيل: تقوم هذه المقاربة الثانية على اتباع مثال الجنود المحاربين ومَن يمارسون رياضات تتطلب احتمالاً عالياً جداً. يستخدم هؤلاء التخيل بغية تعديل نظرتهم إلى الألم. هدف هذه العملية تحويل رد الفعل من سلبي إلى إيجابي.

تناولت دراسة نُشرت في مجلة PLOS Biology هذا المفهوم بتعريضها ذراعَي المشاركين فيها لحرارة مؤلمة أثناء مسح أدمغتهم. طُلب منهم خلال إحدى عمليات المسح تخيل أن الحرارة الحارقة تُلحق الضرر ببشرتهم، فزادت طريقة التفكير هذه شعورهم بالألم. ولكن خلال عملية مسح ثانية، تخيلوا الحرارة كما لو أنها مصدر دفء في يوم بارد، ما حدّ من شعورهم بالألم.

ينصح الباحثون بأن تقوم بالمثل. على سبيل المثال، بدل أن تعتبر الألم مصدر أذى، تقبّله على حقيقته: إحساس مؤقت. نتيجة لذلك، تشعر بأنه أقل أذى. وهكذا تتفادى تدريجياً ربط معنى سلبي بالألم وتعتبره أمراً إيجابياً أو إشارة إلى أنك حي ونشط.

المصدر : جريدة الجريدة

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3589 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3911 0
خالد العرافة
2017/07/05 4513 0