0 تعليق
10010 المشاهدات

قياس وتشخيص التخلف العقلي



[B]لقيت مشكلة تشخيص التخلف العقلي اهتماماً كبيراً من علماء الطب والاجتماع ورجال التربية وعلم النفس، لأن الحكم على الطفل بالتخلف العقلي يؤثر تأثيراً كبيراً على مستقبله. فبناء على كلمتين يصدرهما أخصائي التشخيص " تخلف عقلي" يتحدد مصير إنسان ومستقبله، ومكانته الاجتماعية، ونوع تعليمه وتأهيله ، وتشغيله.
يتعين القول في بداية حديثنا عن التشخيص في مجال التخلف العقلي أن أهمية عملية التشخيص لا تقتصر على تحديد البرنامج التربوي المناسب للطفل، وإنما تمتد هذه الأهمية إلى ما يترتب على نتائجه من آثار وقرارات تحدد ملامح مستقبل الطفل موضوع التشخيص، فإذا ما أفضت هذه النتائج-مثلا-إلى أن الطفل متخلف عقليا بالفعل، فإنه سيترتب على ذلك آثار نفسية واجتماعية وتربوية على كل من الطفل وأسرته ، نظرا لما ستفرضه نتيجة التشخيص تلك من تحديد للفرص المتاحة أمام الطفل في مجتمعه، ومن آثار على مفهومه عن ذاته، وعلى نمط ردود أفعال الآخرين نحوه، وتوقعاتهم منه. ومن ثم فإنه يجب توخي الشروط و المواصفات التي تضمن التوصل إلى نتائج دقيقة وصادقة من عملية التشخيص. (يوسف القريوتي ، عبد العزيز السرطاوي، 1988) .

وتعتبر عملية تشخيص حالات التخلف العقلي-من ناحية أخرى -عملية معقدة تنطوي على التركيز على الخصائص الطبية والعقلية والاجتماعية والتربوية وأخذها بعين الاعتبار، فمع بداية القرن التاسع عشر بدأ تشخيص حالات التخلف العقلي من وجهة نظر طبية ، لكن بعد عام 1905م ومع ظهور مقاييس الذكاء على يد كل من العالم الفرنسي بينيه Binetووكسلر Wechsler أصبح التركيز على القدرات العقلية وقياسها ، وقد تمثل هذا الاتجاه في استخدام مصطلح نسبة الذكاء Intelligence Quotient, I.Q كدلالة على استخدام المقاييس والاختبارات السيكومترية Psychometric Tests في تشخيص حالات التخلف العقلي، وبقي الحال كذلك حتى أواخر الخمسينيات من القرن العشرين المنصرم حين بدأ متخصصون في التخلف العقلي والتربية الخاصة وعلم النفس بتوجيه الانتقادات إلى مقاييس الذكاء والتي خلاصتها أن مقاييس الذكاء، وحدها غير كافية في تشخيص حالات التخلف العقلي إذ أن حصول طفل ما على درجة منخفضة على مقاييس الذكاء لا يعني بالضرورة أن هذا الطفل متخلف عقلياً إذا أظهر نفس الطفل قدرة على التكيف الاجتماعي وقدرة على الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية وبنجاح ، ونتيجة لذلك كله ظهر بُعد جديد في تشخيص حالات التخلف العقلي ألا وهو السلوك التكيفي Adaptive Behavior ودخل هذا البعد في عملية تعريف التخلف العقلي ، كما ظهرت المقاييس الخاصة بذلك البعد ومنها مقياس الرابطة الأمريكية للتخلف العقلي والمسمى مقياس السلوك التكيفيThe American Association of Mental Deficiency, Adaptive Behavior Scale, AAMD, ABS ) وفي العشرين عاما الأخيرة من القرن العشرين الماضي ظهرت مقاييس أخرى هي مقاييس واختبارات التحصيل الأكاديمي Academic Achievement Test والتي تهدف إلى قياس وتشخيص الجوانب الأكاديمية التحصيلية لدى المتخلف عقلياً ومنها مقياس مهارات القراءةReading Skills Scale ومقياس مهارات الكتابة Writing Skills Scale ومقياس المهارات اللغوية Language Skills Scale … الخ

ويعتبر الاتجاه التكاملي في تشخيص التخلف العقلي من الاتجاهات المقبولة حديثاً في أوساط التربية الخاصة ، إذ يجمع ذلك الاتجاه بين الخصائص الأربعة الرئيسية ، ألا وهي التشخيص الطبي، والسيكومتري والاجتماعي والتحصيلي .
ويرى ف . ج . كروكشانك ( 1971 : 94 ) أنه قبل أن نتخذ قراراً بإلحاق الطفل بفصل خاص بالمتخلفين عقلياً ، يجب أن يتم فحصه وتشخيص حالته فحصاً دقيقاً وتشخيصه تشخيصاً سليماً ، ويجب أن يتضمن هذا الفحص تقييمات سيكولوجية وتربوية بل وجسمية ، والواقع أن كل طفل بمعظم المدارس العامة ينال فرصة لأن يفحص من فترة لأخرى ، فيما يتعلق بحالته الجسمية ، والواجب أن تتوفر هذه الطريقة من الفحص للطفل المتخلف عقلياً ، كما يجب أن تتعاون الأسرة مع المدرسة في هذا الصدد.
أما الفحص النفسي فيجب أن يتضمن اختبار اللغة واختبار الذكاء وتقييماً لتوافق الطفل على المستوى الشخصي والاجتماعي ، وبينما نجد أن اختبارات اللغة تعد من انجح الاختبارات في الوقت الحاضر ، فإننا نجد من جهة أخرى أن اختبارات الذكاء تقدم معلومات مهمة تتعلق بقدرات الطفل ، وبخاصة فيما يتعلق بالنواحي غير التحصيلية ، وفي نفس الوقت يعتبر التاريخ الاجتماعي للطفل وتقويم تطور نموه في هذه النواحي عاملاً مهماً أيضاً في وضعه في المكان المناسب له ، وفي تخطيط منهج سليم للمجموعة التي ينخرط فيها .

ويمكن أن تدلنا هذه المعلومات – على سبيل المثال – عما إذا كانت لدى الطفل مشكلات انفعالية من طبيعة تجعل من الصعب عليه أن يتقبل التدريس بنجاح وتوفيق. وتفيد المعلومات كذلك في أنها توقفنا على قدرة الطفل على استخدام ذكائه في حل المشكلات اليومية ، ولا شك أن بعض تلك المعلومات تساعدنا أيضاً في الوقوف على طبيعة تأخره الدراسي .
ويقصد كمال مرسى (1999 ؛ 37) بتشخيص التخلف العقلي تحديده من خلال ملاحظة أعراضه الداخلية والخارجية ، ودراسة نشأتها وتطورها في الماضي والحاضر والمستقبل . فالتشخيص يتضمن وصفاً دقيقاً لحالة الشخص الحاضرة ، وتحديداً لمستوى تخلفه ونوعه ، وعوامل نشأته وتطوره واحتمالات تحسنه في المستقبل . وعملية التشخيص ليست عملية بسيطة وهي لا تقل تعقيداً عن تشخيص الذهان( ) والعصاب( ) لأنها تعتمد على ملاحظة الأعراض الحاضرة وتتبع نشأتها وتطورها ، وتعتمد أيضاً على خبرة أخصائي التشخيص ومهاراته وحدسه الاكلينيكى ودقة أدواته، وبراعته في تفسير نتائجها .
كما أن الذي يدفعنا إلى القول بأن مهمة تشخيص التخلف العقلي ليست مهمة سهلة ، هو أن البطء في النمو العقلي الذي يعانيه المتخلف عقلياً لا نلمسه ولا نقيسه مباشرة ، لكن نستدل عليه من ثلاث علامات تتضمنها كل التعريفات التي تصدر لتحديد مفهوم التخلف العقلي . فلكي نحكم على الطفل بالتخلف العقلي يجب أن يثبت التشخيص انخفاضا كبيراً في مستوى قدرته العقلية العامة ، يصاحبه سلوكيات لا توافقية وظهور هاتين العلامتين في مرحلة الطفولة ، ولا يكفى في ذلك وجود علامة أو علامتين عند الشخص بل يجب توفر العلامات الثلاث معاً .

ويشير بعض الباحثين إلى أن هناك توجهين رئيسيين في مجال تشخيص التخلف العقلي هما :
(أ) التشخيص في ضوء وحدة كيان المرض :
وفيه يهتم الأطباء النفسيون بتشخيص التخلف العقلي في بداية الأمر على أساس العلاقة بين العوامل الفطرية والسلوك الظاهر ؛ فسلوك الإنسان من وجهة نظرهم تحدده عوامل فطرية وراثية بشكل مسبق وثابت ، وبحثوا عن أسباب كل سلوك متخلف واعتبروا التخلف العقلي مثل المرض الجسمي له أسباب محددة وشخصوه على أساس ( وحدة كيان المرض ). فالعلاقة بين العلة والمعلول – من وجهة نظرهم – علاقة قوية تجعلنا نتوقع من وجود العلة وجود المعلول ومن وجود المعلول وجود العلة .
(ب) التشخيص في ضوء عوامل متعددة :
حدث بعد أن تطورت الدراسات في مجالي علم النفس والطب النفسي أن رفض كثير من العلماء مبدأ التحديد المسبق لسلوك الإنسان ، ورفضوا أيضاً تطبيق ( مبدأ وحدة كيان المرض ) سواءٌ في تشخيص التخلف العقلي أو العصاب أو الذهان ، لأن سلوك الإنسان – المتفوق والعادي والمتخلف – سلوك معقد لا يحدده سبب واحد ، بل تسهم في تحديده عوامل كثيرة وهذا ما جعل عالم النفس الأمريكي هوارد فرانسيس هنت Howard Francis Hunt (1918) يقرر أن السلوك الذي نصفه بالذكاء ، محصله التفاعل بين المعطيات الفطرية والمكتسبة ، وذهب أوزيبيل Ausubel إلى أن السلوك تحدده عوامل متعددة ، ومن الخطأ تفسيره بسبب واحد .
وقد أثر هذا الاتجاه على مناهج تشخيص الاضطرابات الذهانية والعصابية والتخلف العقلي، فأخذ أخصائيو التشخيص بمبدأ مساهمة العوامل المتعددة في هذه الاضطرابات السلوكية ، واستخدموا أساليب كثيرة في تحديدها ، وتحديد كيف تفاعلت العوامل في نشأتها وتطورها ( كمال مرسي ، 1999 : 38 ) .

وفيما يلي تلخيص لبعض المقترحات التي تسهم في تطوير سياسات وإجراءات التقييم في مجال التخلف العقلي :
(1) الاستناد إلى فريق تقييم يشتمل على ثلاثة اختصاصيين على الأقل مما يلي، ووفقاً لما تتطلبه حالة الطفل موضع التقييم :
أ -أخصائي نفسي.
ب – طبيب أطفال.
ج – أخصائي اجتماعي.
د- معلم تربية خاصة اختصاصي تخلف عقلي.
هــ-أخصائيون آخرون كمعالج النطق ، واختصاصي العلاج الطبيعي. .وغيرهم
(2) يجب ألا تقتصر نتائج عملية التقييم أو التشخيص على الحكم بوجود التخلف العقلي أو نفيه بل يجب أن تقود إلى :
أ-تحديد مستوي التخلف الذي يقع في نطاقه الطفل موضع التقييم.
ب- تقديم اقتراحات عملية للخطة التربوية الفردية.
ج- بيان الاحتياطات الخاصة للمفحوص و الخدمات المساندة التي قد تلزمه.
(3) لابد أن تتصف عملية التقييم بالشمولية سواء من حيث الجانب الذي يتم جمع بيانات عنه أو الأساليب المستخدمة في جمع البيانات.
(4) بما أن الاختصاصي النفسي يمثل العنصر الأكثر أهمية في تنسيق ومتابعة عملية التقييم خاصة في مجال تطبيق الاختبارات النفسية و العقلية و تفسيرها، فإن من الواجب أن تعتمد هذه العملية على مختصين من ذوى تأهيل عال وخبرة علمية مناسبة.
(5) على فريق التقييم أن يتأكد من ملاءمة الظروف المحيطة بعملية التقييم خاصة عند تطبيق الاختبارات العقلية لضمان سلامة النتائج التي يتم التوصل إليها. ومن أهم تلك الظروف:
أ-الحالة الصحية للمفحوص حيث لا يكون مريضا أو مرهقاً.
ب-الحاجات البيولوجية للطفل كالجوع و العطش و النعاس.
جـ- الحالة المزاجية للمفحوص و تجنب شعوره بالخوف أو الملل.
د-حجرة خاصة ومناسبة لإجراء التقييم وضمان عدم المقاطعة.
هـ-الظروف الفيزيائية الملائمة مثل الإضاءة المناسبة ودرجة الحرارة، وعزل مشتتات الانتباه، وكفاية التهوية.
و-العلاقة الايجابية مع المفحوص وبناء ألفة بالموقف.
ز-ملاءمة أثاث حجرة التقييم بشكل يضمن جلوسا مريحا للطفل.
(6) يجب أن يشارك أحد الوالدين أو كليهما في فريق التقييم.

وينبغي أن تتعدد المحكات المستخدمة في عملية التشخيص ، ذلك أننا لا نثق في تشخيص حالة تخلف عقلي أعتمد فيها على محك واحد مهما كان ذلك المحك متميزاً بالدقة والموضوعية وذلك للأسباب التالية :
" أن التخلف العقلي لا يقتصر على التخلف في القدرة العقلية العامة أو القدرة على التحصيل أو النضج أو الصلاحية الاجتماعية ، إنما هو تخلف في جميع هذه النواحي ولا بد أن يتوفر لدينا من البيانات ما يستدل منه على وجود التخلف فيها جميعاً كي نستطيع أن نصدر حكماً ويعني ذلك أنه ينبغي أن نعتمد في تشخيصنا على عدة محكات تتناول هذه المظاهر المختلفة ويساعد على ذلك وجود فريق من الأخصائيين .
" أن الاعتماد على وسيلة واحدة تقيس مظهر معيناً من مظاهر التخلف العقلي أمر لا يخلوا من خطأ ، فلسنا نعرف عن أي وسيلة ما يجعلنا نثق فيها تلك الثقة التي تمكننا من إصدار حكمنا بأن أحد الأطفال متخلف عقلياً – وليس هناك أقسى من الخطأ في التشخيص ووضع طفل عادي في مكان طفل متخلف عقلياً ، وربما ساعدنا تعدد المحكات وتعدد الوسائل التي تقيس كل مظهر من مظاهر التخلف على تقليل احتمالات الخطأ وهذا هو ما نهدف إليه .

هذه هي بعض الأسس التي ينبغي أن تتوفر في عملية التشخيص والتي توضح لنا صعوبة العملية على الرغم من البساطة التي قد تبدو عليها لأول وهلة وتثير هذه الأسس أمامنا كثيراً من التساؤلات كما تفتح مجالات للبحث في تصميم أفضل الوسائل لقياس المظاهر المختلفة للتخلف العقلي .
وفي ضوء ما سبق يمكن القول أن أدبيات التربية الخاصة تشير إلى أن بعضاً من الباحثين اتخذوا المظاهر السلوكية كوسيلة أو محك للتعرف على الطفل المتخلف عقلياً . وأن الباحثين اختلفوا بالنسبة لنوع المظاهر السلوكية التي يستخدمونها للتعرف على التخلف العقلي ، فيستخدم بعضهم مظاهر القدرة العقلية المعرفية العامة – كما تقاس باختبارات الذكاء – كمحك للتعرف على هذه الحالات ، ويرفض بعضهم استخدام هذا المحك ، ويفضل استخدام مظاهر النضج الاجتماعي ، والتوافق النفسي والتوافق الشخصي ، كما تبينها المقاييس الخاصة بذلك ، وقد يفضل البعض الآخر استخدام القدرة على التعلم ، وقد يستخدم آخرون "السلوك التواؤمي " ، بينما قد يرفض بعض علماء النفس استخدام محك واحد ، مفضلين استخدام عدد من المحكات ، فيأخذون مجموعة مما ذكرناه كوسائل معاونة للتعرف على التخلف العقلي (مختار حمزة ، 1979 : 261 ).

وفيما يلي إشارة لأربع نقاط في هذا الصدد :
الأولي : الذكاء كوسيلة لقياس التخلف العقلي :
فقد اتخذ بعض العلماء معامل الذكاء كأساس لتشخيص التخلف العقلي ، وقد غالى البعض منهم في الاعتماد على هذه النسبة إلى درجة أنهم سمحوا لأنفسهم بالتصنيف إلى تخلف عقلي كل من يقل معامل ذكائه عن 70 حتى ولو كانت 69 ، بينما يجتاز هذا الموقف كل من يزيد عن (70 )حتى ولو كان (71 )، ومعنى ذلك أنهم يفترضون الدقة المتناهية في اختبارات الذكاء ، وهذا غير صحيح بطبيعة الحال .
وحقيقة الأمر أننا لا نستطيع الاعتماد على اختبارات الذكاء اعتمادا كلياً للتعرف على حالات التخلف العقلي ، بل لابد أن يستخدم معها وسائل أخري حتى يكون التشخيص دقيقا و متكاملاً . وعند استخدامنا لمقاييس الذكاء كإحدى الوسائل فلابد من اختيار الاختبارات المناسبة فليست كل الاختبارات صالحة لمن نشخصهم على أنهم متخلفون عقلياً ، وليست كلها صالحة لفرد معين ، حيث قد يشكو طفل ما من ضعف السمع مثلاً أو عدم القدرة على التآزر الحركي ، وهذا كثير الحدوث بين هذه الفئة ، والمهم أن يكون الاختبار متصفاً بالصدق والثبات والموضوعية والقدرة على التمييز ، كما ينبغي أن يكون له معايير دقيقة ، وأن استخدام مجموعة من مقاييس الذكاء المناسبة يؤدى إلى نتائج أكثر دقة.

الثانية : النضج الاجتماعي وقياس التخلف العقلي :
يقصد بالنضج الاجتماعي قدرة الفرد على إقامة علاقات اجتماعية فعالة مع غيره ومشاركة من يعيش معهم في علاقاتهم الاجتماعية ، وهذا ما يتخذه بعض العلماء كدليل للتعرف على المستوى العقلي للشخص ، وبالتالي للتعرف على ظاهرة التخلف العقلي ، وعرفوا التخلف العقلي بأنه حالة عدم اكتمال النمو العقلي بدرجة تجعل الفرد عاجزاً عن مواءمة نفسه مع البيئة ومع الأفراد العاديين بصورة تجعله دائماً في حاجة إلى رعاية وحماية خارجية .

الثالثة : الاعتماد على أكثر من دليل لتحديد التخلف العقلي :
حيث يضع بعض العلماء عدة شروط تحدد التخلف العقلي، فهم يصفون المتخلف عقلياً بأنه:
(أ‌) غير كفء اجتماعيا ومهنيا ولا يستطيع أن يدير شؤون نفسه .
(ب‌) أقل من العاديين من الناحية العلمية .
(ت‌) بدأ تخلفه العقلي منذ الولادة في سن مبكرة .
(ث‌) يرجع تخلفه العقلي لعوامل تكوينية ، إما وراثية أو نتيجة لمرضه .
(ج‌) وحالته لا تقبل الشفاء ، حيث قد ثبت بالدليل القاطع أنها حالة تخلف عقلي .
ومن ذلك كله يتضح لنا ضرورة تعدد المحكات المستخدمة في عملية التعرف على ظاهرة التخلف العقلي ، وذلك للأسباب الآتية :
(1) التخلف العقلي يحدث في نواح متعددة منها القدرة العقلية العامة والقدرة على التحصيل والنضج الاجتماعي . فلابد أن تتوفر لدنيا الدلائل التي تشير إلى التخلف في جميع هذه النواحي . ومعنى ذلك انه ينبغي أن نعتمد في تشخيصنا على عدة محكات وأن يتعاون في التشخيص الطبيب والأخصائي النفسي والأخصائي الاجتماعي وأخصائي التربية الخاصة والطبيب النفسي وأخصائي التأهيل .
(2) أن كل مقياس معرض للخطأ ، وقد يساعد تعدد المقاييس على تلافى هذه الأخطاء أو على الأقل التقليل من أثرها . وعلى ذلك فإن تشخيص حالات التخلف العقلي لابد أن يتم على أساس استخدام عدة وسائل أهمها :
" الفحص النفسي بما في ذلك اختبارات الذكاء اللفظية واختبارات الأداء واختبارات النضج الاجتماعي واختبارات الشخصية .
" دراسة التاريخ المدرسي والاستعانة باختبارات التحصيل أواختبارات الاستعداد الدراسي
" دراسة التاريخ النمائي للطفل الذي يتضمن النمو والتطور الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي .
" تاريخ الأسرة الذي يتضمن تحديد حالات الأمراض وأنواع القصور الجسمي والعقلي في الأسرة .
" الفحص الطبي الشامل .
" دراسة الظروف البيئية التي يعيش فيها الطفل .
" ملاحظة الطفل ، وهذه النقطة – تحديداً – تستحق أن نتناولها بشيء من التفصيل ، كنقطة رابعة وأخيرة في هذا الخصوص .

الرابعة : ملاحظة الطفل :
إن الأسلوب السليم يتطلب إيداع الطفل في إحدى مدارس التربية الفكرية لملاحظته عن قرب -لفترة أسبوعين مثلاً -وتسجيل جميع الملاحظات غير العادية ، والاستفسار عنه من الجميع وخاصة من الأبوين .
وقد أمكن إعداد استمارة لتسجيل الملاحظات بحيث تمكننا من استخراج المتخلفين عقلياً والتي وضعها مصمماها للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 -12 عاماً وتوصلا إلى أن الطفل الذي يحصل على عشرة درجات فأكثر ينبغي أن يحول إلى الأخصائيين ليقوموا بتشخيص حالته بحيث يقوى الشك إذ ذاك في أنه من المتخلفين عقلياً .
وفيما يلي عرض البنود التي تحتوي عليها هذه الاستمارة :

المجموعة الأولي :
(1) انحراف الجمجمة شكلاً وحجماً .
(2) تشوهات واضحة في شكل الأرجل أو الأيدي أو الأذنين أو أي جزء آخر في الجسم .
(3) تعبير الوجه يتميز بالجمود أو أن الوجه غير معبر .
(4) الصوت خشن وعميق .
(5) توجد صعوبات في النطق والكلام غير مفهوم أو به بعض الأجزاء التي يصعب فهمها ، مع تمتع الطفل بقدرة سمعية طيبة .
(6) يبدو مبتسماً ولطيفاً في جميع الأوقات والمواقف المناسبة وغير المناسبة .
(7) يتميز بسمنة زائدة تبدو في قصر القامة وبروز البطن .

المجموعة الثانية :
(1) كثير الحركة لا يستطيع أن يستقر في مقعده كبقية الأطفال .
(2) يحرك يديه دائماً ويحرك رأسه ناظراً حوله .
(3) طريقة سيره غير متزنة ، وتلفت النظر .
(4) تسهل استثارته ، وقد يحطم ما تتناوله يده .
(5) قد يتعدى على غيره من الأطفال بالضرب أو العض بدون سبب أو لسبب تافه .
(6) يندفع إلى خارج الفصل بدون استئذان .
(7) هادئ جداً .
(8) منعزل دائماً ، ولا يشترك مع غيره من الأطفال في اللعب .
(9) لا يرد عدوان المعتدى ، وقد يبكي .
(10) يبدو دائماً كما لو كان سرحاناً .

المجموعة الثالثة :
(1) لا يستطيع أن يفهم شرح المدرس بعكس بقية الأطفال .
(2) قد لا يستطيع أن يفهم بعض الأوامر أو التعليمات البسيطة .
(3) لا يستطيع القيام بالعمليات الحسابية البسيطة ، وقد يستخدم أصابعه في حلها.
(4) لا يستطيع أن يرسم دائرة .
(5) لا يستطيع أن يرسم مربعاً .
(6) لا يستطيع أن يرسم معيناً (على شكل ماسة) .
(7) ليست لديه قدرة على تركيز الانتباه كغيره من الأطفال .
(8) يبدو أنه سريع الملل .
(9) ذاكرته ضعيفة جداً .
(10) لا يستطيع إعادة أي مجموعة من الأرقام التالية بعد سماعها مرة واحدة 🙁 7 -9 – 6 – 3 ) ( 8 -5 – 7 – 2 ) ( 9 – 1 – 8 – 4 )
(11) يبدو كما لو كان مستواه الدراسي أقل من مستوى سنه بثلاث سنوات على الأقل.

والمستقرئ لما تمت كتابته عن عملية تشخيص التخلف العقلي يمكنه الخروج بالنتائج التالية :
1. ان عملية التشخيص في مجال التخلف العقلي لا تنتهي بالتحديد الكمي أو الوصفي لسلوك المتخلف عقلياً ، بل لا بد من استخدام تلك البيانات بطريقة وظيفية للتعرف على حالة الطفل وماذا يستطيع أن يعمله في المستقبل، وأي الخدمات أصلح له بمراعاة إمكاناته المختلفة من إمكانات جسمية حركية توافقية وحسية، أو عقلية من قدرات واستعدادات ، أو نفسية عاطفية وانفعالية و اجتماعية للتفاعل الاجتماعي و التوافق مع المجتمع.
2. أن الباحثين يتفقون على ضرورة التقييم الشامل، والتشخيص التكاملي أو متعدد المحكات في تحديد التخلف العقلي ، و يتفقون على عدم الاعتماد على اختبارات الذكاء وحدها في هذا الصدد ، بحيث يغطي التشخيص التكاملي النواحي والجوانب الطبية التكوينية والصحية، والنفسية، والأسرية، والاجتماعية، والتربوية والتعليمية (فاروق صادق، 1982؛ عمر بن الخطاب خليل، 1992؛ كمال مرسي، 1999 ؛ عبد المطلب القريطي، 2005).
3. أن الهدف من عملية التشخيص في مجال التخلف العقلي هو تحقيق أحد الأغراض التالية أو جميعها:
أ- إمكانية إحالة الطفل إلى فصول خاصة بالمتخلفين عقلياً للتعليم في مدارس العاديين أو معاهد التربية الفكرية .
ب-إمكانية إحالة الطفل إلى مؤسسة اجتماعية للتعليم و التدريب في مؤسسات التنمية الفكرية أو المؤسسات الاجتماعية المختلفة.
جـ-تشخيص عيوب التعلم ورسم خطط تعليمية علاجية للحالة و تشخيص المشكلات السلوكية.
د-الكشف عن إمكانات الطفل واستعداداته الممكن استغلالها في التدريب و التوجيه المهني.
هــ- متابعة الحالة في أحد المجالات السابقة للحكم على مدى إفادتها من البرنامج ، أو تحويلها إلى خدمات أكثر نفعا ، أو الحكم بإنهاء تأهيلها وتشغيلها في عمل مناسب، أو إعادة تعليمها أو تدريبها ( فاروق صادق، 1982: 337)

من كتاب – التقييم والتشخيص في التربية الخاصة
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن سيد سليمان
الدكتور أشرف عبد الحميد
الدكتور إيهاب الببلاوي[/B]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3767 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4143 0
خالد العرافة
2017/07/05 4682 0