0 تعليق
1176 المشاهدات

فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال



الكاتب : رضا ابراهيم محمود

إن فرط الحركة ونقص الانتباه هي حالة نفسية تبدأ في مرحلة الطفولة عند الإنسان، وهي تسبب نموذجاً من تصرفات تجعل الطفل غير قادر على إتباع الأوامر أو السيطرة على تصرفاته، أو أنه يجد صعوبة كبيرة في الانتباه للقوانين وبذلك هو في حالة إلهاء دائم بالأشياء الصغيرة، علماً أن المصابين بهذه الحالة يواجهون صعوبة في الاندماج في صفوف المدارس والتعلم، وهم لا يتقيدون بقوانين الفصل مما يؤدي إلى تدهور الأداء المدرسي لدى هؤلاء الأطفال، وذلك بسبب عدم قدرتهم على التركيز بعيداً عن مستوى ذكائهم، لذلك يعتقد أغلبية الناس أنهم بطبيعتهم أطفال مشاغبون.

أكثر الحالات النفسية شيوعاً

وتعتبر تلك الحالات أكثر الحالات النفسية شيوعاً في العالم إذ يبلغ عدد المصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة حوالي خمسة بالمائة من مجموع شعوب العالم وتلك النسبة تزيد عن ذلك في الدول المتطورة، وهذه الإحصائيات جعلت بعض الباحثين يعتقدون أن تركيبة الدول المتطورة وأجوائها قد تكون سبب لحالة قصور الانتباه وفرط الحركة لدى شعوبها، ومن خلال ذلك فإن تفاعل الناس في حضارتهم قد يكون مسبباً لفرط الحركة ونقص الانتباه اعتماداً على نوع الحضارة وردة فعل الشخص تجاهها.

ويشكل التعامل مع الأطفال المصابين بفرط الحركة ونقص الانتباه تحدياً كبيراً لذويهم ولمدرسيهم في المدرسة ولطبيب الأطفال وللطفل نفسه أحيانا، وهذه الحالة لا تعتبر من صعوبات التعلم ولكنها مشكلة سلوكية عند الطفل، ويكون هؤلاء الأطفال عادة مفرطي النشاط واندفاعيين ولا يستطيعون التركيز على أمر ما لأكثر من دقائق معدودة، فيصاب من ثلاثة إلى خمسة بالمائة من طلاب المدارس بهذه الحالة، والذكور أكثر إصابة من الإناث.

هذا وقد يشكل وجود طفل مصاب بتلك الحالة إحدى المشكلات الحقيقية أحيانا للأهل، وحتى الطفل المصاب يدرك أحيانا مشكلته ولكنه لا يستطيع السيطرة على تصرفاته، ويجب على الوالدين معرفة ذلك ومنح الطفل المزيد من الحب والحنان والدعم، وعلى الأهل كذلك التعاون مع طبيب الأطفال والمدرسين من أجل كيفية التعامل مع الطفل نفسه.

يصنف لعدة تصنيفات

يصنف اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بأنه اضطراب سلوكي فوضوي يصاحبه اضطراب المعارضة والعصيان واضطراب السلوك، إلى جانب اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. ولاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ثلاثة أنواع فرعية، فهناك النوع الذي يغلب عليه النشاط الحركي الزائد والاندفاع وتشير معظم الأعراض التي ما بين ستة أعراض أو أكثر إلى النشاط الحركي الزائد والاندفاع، وعلى الرغم من أن أقل من ستة أعراض تشير إلى وجود نقص انتباه، فإن هذا لم يمنع من وجوده إلى حد ما.

ومن المرجح ألا يعاني الأطفال المصابون بهذا النوع من الاضطراب من عدم القدرة على أداء الأعمال الموكلة إليهم، أو وجود صعوبة في مجاراة أقرانهم، فربما يجلسون في هدوء ولكن دون أن يكونوا منتبهين لما يفعلون، ولذلك قد يهمل هذا الطفل وقد لا يلاحظ أولياء الأمور والمدرسين أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عليه.

وعن النوع الذي يجتمع فيه النشاط الحركي الزائد والاندفاع مع نقص الانتباه في آن واحد، فتظهر ستة أعراض أو أكثر من نقص الانتباه وستة أعراض أو أكثر من النشاط الحركي الزائد والاندفاع، ويعاني معظم الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من النوع الثالث.

صعوبات في النوم (أرق)

يمكن أن يعاني الأطفال والمراهقون المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من صعوبات في النوم بمستويات مختلفة، والتي يمكن أن تتراوح بين الشعور بالنعاس أو الاستغراق في النوم لوقت طويل، أو النوم نوما عميقا وفي سكون تام دون تقلب، فقد يصنف هذا أيضا كنوع من الأرق المرتبط باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، حيث أن الطفل الذي لم ينل قسطا وافرا من النوم قد يبدأ في المعاناة من مشكلات سلوكية مثل فرط النشاط والعدوانية وقصر فترة الانتباه.

ويمكن أيضا أن تكون التقلبات المزاجية مرتبطة بقلة النوم، حيث يتسم الأطفال المرهقون بسرعة الانفعال أو قد يعانون من القلق أو التوتر، ولكن مع مرور الوقت قد تسوء الحالة الصحية للطفل، لأن النوم المتقلب يمكن أن يحد من قدرة الجسم على مقاومة نزلات البرد والأنفلونزا والأمراض المعدية الأخرى الشائعة، وقد يبدأ الأطفال الدخول في صراع حل المشكلات ويمكن أن تتأثر ذاكرتهم أيضا.

تستمر حتى مرحلة البلوغ

اكتشف الباحثون أن أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تستمر مع ستين بالمائة من الأطفال المصابين به حتى مرحلة البلوغ، وعلى الرغم من ذلك يمارس العديد من البالغين حياتهم دون علاج هذا الاضطراب، وغالبا ما يعيش البالغون المصابون بهذا الاضطراب دون علاج حياة فوضوية، وقد يظهرون بصورة غير منظمة وقد يتناولون الكحول والعقاقير دون استشارة طبيب لممارسة حياتهم اليومية، وكثيرا ما يعاني المصابون بهذا الاضطراب من أمراض متزامنة نفسية مصاحبة له مثل الاكتئاب أو اضطراب القلق أو اضطراب المزاج ثنائي القطب أو تعاطي المواد المخدرة أو صعوبات التعلم.

وقد يؤدي تشخيص حالة البالغين بهذا الاضطراب إلى تمكينهم من تحليل سلوكياتهم بصورة أدق إلى جانب زيادة وعي المصابين به بطبيعة مرضهم والبحث عن وسائل العلاج المناسبة باستخدام آليات الدفاع وأساليب العلاج المختلفة، وهناك اختلاف بين وجهات نظر بعض الخبراء حول ما إذا كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يستمر إلى مرحلة البلوغ من عدمه، وعقب الإقرار بوجود هذا الاضطراب بين البالغين في عام 1978 أصبح لا يعامل في الوقت الراهن كاضطراب منفصل عن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال.

فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال

نقص الانتباه والنشاط المفرط

إن نقص الانتباه والنشاط المفرط والاندفاعية هي السمات الرئيسية لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، هذا ويصعب تحديد أعراض هذا الاضطراب بصفة خاصة نظرا لصعوبة تحديد خط فاصل بين المستويات العادية لنقص الانتباه والنشاط المفرط والاندفاعية والمستويات الأخرى التي تتطلب تدخلا طبيا لتحديد ما إذا كان الشخص مصابا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من عدمه، ويحب أن يلاحظ استمرار الأعراض عنده لمدة ستة أشهر أو أكثر في بيئتين مختلفتين، ويجب أن تفوق هذه الأعراض مثيلتها في الأطفال الآخرين الذين هم في نفس المرحلة العمرية.

تشتت الذهن وعدم الانتباه

من خلال تقسيم أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال إلى فئات ينبثق ثلاثة أنواع فرعية منه، ألا وهي النوع الذي يغلب عليه نقص الانتباه والنوع الذي يغلب عليه النشاط الحركي الزائد والاندفاع، والنوع المركب الذي يجتمع فيه نقص الانتباه والنشاط الحركي الزائد والاندفاع معا في نفس الوقت.

وقد يتضمن النوع الذي يغلب عليه نقص الانتباه الأعراض المتمثلة في تشتت الذهن بسهولة وعدم الانتباه للتفاصيل والنسيان والانتقال الدائم من نشاط إلى آخر، وصعوبة التركيز في أمر واحد والشعور بالملل من أداء نشاط واحد بعد بضع دقائق فقط ما لم يكن هذا النشاط ممتعا، مع صعوبة تركيز الانتباه على تنظيم واستكمال عمل ما أو تعلم شيء جديد، اضافة إلى صعوبة إتمام الواجبات المدرسية أو أدائها، وفقدان الأغراض في كثير من الأحيان مثل الأقلام واللعب والواجبات المدرسية التي تلزم لإنجاز المهام أو الأنشطة، وظهور المريض كأنه لا يصغي عند التحدث إليه والاستغراق في أحلام اليقظة والارتباك بسهولة والتحرك ببطء، مع صعوبة معالجة المعلومات بسرعة وبدقة كالآخرين وصعوبة إتباع التعليمات.

ويتضمن النوع الذي يغلب عليه النشاط الحركي الزائد والاندفاع أعراضا مثل القلق والتململ في المقاعد والتحدث بصورة مستمرة والتحرك المستمر في كل مكان، وملامسة أي شيء أو اللعب بكل شيء تقع عليه أيدي المريض، وصعوبة الجلوس في سكون أثناء تناول الطعام وفي المدرسة ووقت الاستعداد للنوم والحركة الدائمة، مع صعوبة أداء المهام أو الأنشطة بطريقة هادئة.

عدم ضبط النفس!

تشير الأعراض التالية أيضا إلى الاندفاع بصفة أساسية من عدم القدرة على الصبر، والإدلاء بتعليقات غير ملائمة وإبداء المشاعر دون ضبط النفس والتصرف دون اعتبار للعواقب، مع صعوبة انتظار حصولهم على الأشياء التي يريدونها أو انتظار دورهم في اللعب، ومن المحتمل أن يسلك معظم الأشخاص بعضا من هذه السلوكيات، ولكن ليس إلى الدرجة التي تعوقهم بصورة واضحة عن عملهم أو علاقاتهم أو دراساتهم، كما يستمر ظهور المشكلات الأساسية حتى وإن كان ذلك داخل السياقات الثقافية المختلفة.

من الجائز أن تستمر أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى سن البلوغ، فيما يزيد عن نصف الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، ويصعب تقدير هذه النسبة حيث لا توجد معايير رسمية لتشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى البالغين، ويظل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند البالغين مقصورا على التشخيص الإكلينيكي، فقد تختلف العلامات والأعراض الخاصة بمرحلة الطفولة عن مثيلاتها في مرحلة المراهقة نتيجة لعمليات التكيف وآليات التجنب المكتسبة في أثناء عملية التنشئة الاجتماعية.

العوامل البيئية والوراثية

أثبتت إحدى الدراسات التي أجريت في عام 2009 أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يتحركون بصورة زائدة عن الحد لأن ذلك يساعدهم على زيادة فترة التركيز لإنجاز المهام الموكلة إليهم، وأشارت دراسات التوائم حتى الوقت الراهن إلى أن ما يتراوح بين تسعة إلى عشرين بالمائة من التباين في السلوك الذي يتميز بفرط النشاط والاندفاع ونقص الانتباه، أو ما يعرف بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والذي يمكن إرجاعه لعوامل بيئية أي غير وراثية وغير مشتركة، وتتضمن تلك العوامل البيئية المشار إليها تعاطي الكحول والتعرض لدخان التبغ في أثناء الحمل واستنشاق مادة الرصاص من البيئة في المراحل العمرية المبكرة.

ويمكن تحديد مدى العلاقة بين التدخين واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى النيكوتين الذي يؤدي إلى نقص الأكسجين الواصل إلى الجنين في رحم أمه، ومن المرجح أيضا أن تقبل السيدات اللاتي تعانين من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على التدخين، الأمر الذي يعزز من احتمالية إصابة أطفالهن بالاضطراب نفسه.

كما أشارت دراسة أخرى أجريت في عام 2010 إلى وجود علاقة قوية بين التعرض للمبيدات وزيادة احتمال تعرض الأطفال لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إذ قام باحثون بتحليل مستويات مخلفات الفوسفات العضوي في البول لأكثر من ألف ومائة طفل تتراوح أعمارهم بين ثمانية إلى خمسة عشرة سنة، ووجدوا أن الأطفال الذين سجلوا أعلى مستويات للفوسفات (ثنائي الألكايل) وهو عبارة عن نواتج تحلل مبيدات الفوسفات العضوية، كانوا هم الأكثر تعرضا للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3563 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 3883 0
خالد العرافة
2017/07/05 4489 0